وما نجزم به، أن للاستعمار، منذ الآن، خطة مفصلة لمسخ هذه الثورة.
ليس فحسب في الفترة التي ستتبع العدوان مباشرة، ولكن حتى في الوضع العسكري الراهن.
ولا شك بأنه سيسعى بكل ما لديه من وسائل مادية، لتوريط العرب في مأزق عسكري أولا، ليس فحسب من أجل الحفاظ على كيان إسرائيل؛ ولكن، قبل كل شيء، من أجل تحطيم الوحدة المعنوية العربية التي تحققت هذه الأيام.
ولسوف يصنع المستحيل من أجل إرجاع العرب إلى نقطة البداية النفسية التي انطلقوا منها في المعركة، حتى يغمسهم من جديد في التفرقة السياسية والفوضى الروحية، بينما نرى أن نكسة معنوية ستكون أشد عليهم من أية نكسة عسكرية (١).
إن ساعة الصفر التي يكون فيها كل أمر مهيأ للبعث والتجدد، لا تدق كل يوم. لقد دقت للشعوب العربية، في الدقيقة ذاتها التي ألقت فيها أول طائرة إسرائيلية أول قنبلة للعدوان، وكأن الأقدار تهيئ لهم الفرصة مرة أخرى، لتصفية رواسب عهد الإستعمار.
لقد بارك الله عز وجل هذه القطعة من التراب التي نسميها فلسطين، وجعلها مهدا نزلت فيه الأديان، قبل الإسلام، وعلى العرب اقتداء بأسلافهم أولا، ولأن أبطالهم يستشهدون اليوم على أرضها، أن يباركوها بما يسترجع وحدتهم.
...
(١) كتبت هذه المقالة مباشرة بعد الخامس من حزيران (يونيو) سنة ١٩٦٧، قبل الإنهيار العسكري على الجبهة العربية.