عن (الثورة الإفريقية) عدد ١٤١ تشرين الأول (أكتوبر) سنة ١٩٦٥.
في مقال سابق، عرفنا السياسة بشروط ثلاثة هي أدنى ما يحددها من شروط، ولم يكن تعريفنا لها في الحقيقة إلا مقياسا مجردا يميزها عن (سياسة) مزعومة ترتكز على تقديرات سافلة، وتطبيق مشبوه.
هل يكفي هذا التعريف؟
هل يكفي أن تعرف دولة عملها في ميثاق وطني مثلا، ثم تحدد طريقة لوقايته من أعمال التخريب أو ما يسمى في بعض البلاد (الانحراف المذهي)؟.
إنني لا أرى ذلك كافيا.
فالشروط السابقة التي أشرنا إليها ضرورية كلها، غير أنها ليست بكافية، وهذا ما تدل عليه بوضوح تجربة فرنسا، بعد ثورتها، التي تطبق اليوم دستورها السادس بعد إفلاس الخمسة الأولى من دساتيرها بوصفها جمهورية.
ينبغي أن نعود إلى تحديد (السياسة) على أبسط صورة باعتبارها عملا تقوم به الدولة. فمن الواضح أنه بالإضافة إلى الشروط الدستورية التي أشرنا إليها ينبغي على السياسة أن تطابق شرطا آخر، غالبا ما يكون غير منصوص عليه إلا أنه أكثر إلحاحا من سواه. فالسياسة لا تستطيع أن تكون العمل الذي تقوم به الأمة كلها إلا بقدر ما تكون مطبوعة في عمل كل فرد منها. هذا هو الشرط الذي نضيفه هنا.