عن (الثورة الإفريقية) عدد ٢٢٠ أول أيار (مايو) ١٩٦٧.
قد يُذكِّر هذا العنوان بعض الناس بالقضية الشهيرة التي كتبها (دوماس)، بينما ليست لي رغبة في أن أخصصه هنا لقطعة من الأدب، ولكن لذكر مأساة تحين ذكراها في هذا الشهر من كل عام.
إن إسرئيل ستحتفل، خلال السنة المقبلة، بالذكرى العشرينية لتأسيسها، ومنذ تسعة عشر عاما كان العالم العربي، وهو مأخوذ بالصرخات الصبيانية التي يطلقها (القاوقجي)، وهو مغرور بدهاء (جلوب باشا)، مسحور ببيان (عزام باشا) يضع قدمه في الفخ.
لقد كان الجيش الإنكليزي، قبل بضعة أيام، قد غادر يافا على رؤوس الأصابع، ولم ير أحد في ذلك مأخذا، وبالتالي لم ير موجبا للاحتجاج على هذا الجلاء المخالف للعرف الدولي، بل على العكس من ذلك فربما كان العربي مستعدا لأن يخلع على الجندي الإنجليزي المنسحب طوقا من الزهور.
فعندما ينتهي احتلال عسكري، يقضي العرف الدولي أن المحتل لا يغادر المكان قبل تسليم السلطات إلى سلطة محلية، تأخذ مسؤولياتها الإدارية والسياسية، من أجل حماية السكان، طبقا لتقليد يؤيده القانون الدولي.
أما إذا انسحب الجيش المحتل، بلا دَف ولا زَف، فهذا يعني أن في القضية لغزا، إذ يبقى السكان في الحقيقة تحت رحمة من له سلاح، ومن باب أولى تحت رحمة من سلحه الجيش المنسحب.