إن عهد تصفية الإستعمار لا زال مستمرا، منذ دقت شعوب العالم الثالث أبوابه التي انغلقت على حرياتهم، منذ أكثر من نصف قرن.
وحيثما تباطأت خطوته أو تسكعت، نشأت بمقتضى منطقه القاسي، تلك الحركات التحريرية التي تضع، من دماء الشعوب الثائرة، وصمة حمراء على وجه الإستعمار، كتلك النقطة التي نراها على جبين الآلهة التي صنعتها الأساطير الهندوكي.
وفي كل الأوطان تتمتع هذه الحركات بعطف الشعوب، وأحيانا بتأييد السلطات. وفي وطننا يجدون- بالإضافة إلى ذلك- الجو الذي يكهرب روحهم الثوري.
إن ثورة تريد أن تصنع شيئا في التاريخ، يجب عليها أن تصنع نفسها أولا. وقد استخلص (دوبونال) من خلال تأمله في الثورة الفرنسية ((من الإنجيل إلى العقد الإجتماعي، فالكتب هي التي تصنع الثورات)).
لقد كان اهتمامه عالقا، في هذا المقطع، بالجانب الإستراتيجي والنظري اللذين يكونان أيديولوجية الثورة في علاقاتها بالأهداف البعيدة.
لكن الثورة أيضاً، تكتيك يتعلق بالمهمات العاجلة والمتجددة مع ما يمليه سير الثورة في كل يوم.