فالثورة في حاجة اليوم إلى الدفاع عن قضيتها في الداخل والخارج، دفاعا أصبح معه للحركات التحررية أدب وأحيانا (سينماتيك) تضم أفلامها، فتنشر نشرات عن حركاتها وينشر عنها.
ولقد تبتدئ هنا مشكلة، عندما نريد التعرف إلى إحدى هذه الحركات بطريقة مجزية وسريعة، خصوصا إذا كانت الملابسات أو موقعها الجغرافي يضعها -كالثورة الفلسطينية- في نقطة تقاطع للديانات والثقافات والحضارات والمصالح الاستراتيجية المتعارضة، وفي مركز شبكة المناورات المنسوجة على يد أولئك الاختصاصيين المشرفين على (لعبة الأمم).
حينئذ يصبح من شبه المستحيل، أن نتعرف بسرعة على إحدى تلك الحركات لكثرة ما نشرت وما نشر عنها، أعني أن نتعرف عليها بطريقة مجدية تجنبنا حيل وأحابيل لعبة قد نقع فيها، بسبب أفكار غير ممحصة أو مستعصية على التمحيص بسرعة.
إن كثرة الوثائق تكون أحيانا أولى بتضليل الفكر من قلتها. إذ يكفي أن نحضر أي مؤتمر دولي له بعض أهمية، لنخرج بحقيبة من الوثائق، فمن الوثيقة التي تريد إلقاء الأضواء على المصادر الدينية للصهيونية ككتاب الأب (بول حتي مسعد): (بربرية التوصيات الصهيونية)، إلى الوثيقة التي تختص بجانب واحد من القضية الفلسطينية، إلى مجرد المنشور أو البلاغ الذي يشيد ببطولة عصابة من الفدائيين، أو يفند العمل البربري الصهيوني الأخير، كحرق المسجد الأقصى.
حينئذ لا يكون للقارئ إلا حيرة الاختيار، وهو سيكون في حيرة حتما، إذ ليس لديه غالبا فسحة من الوقت كي يتسكع في مطالعة الوثائق جميعها، كمراسل يبحث عن الخبر النادر ليثير به قراء ارتخت أعصابهم واستولى عليهم الملل.