فالقارئ إذا لم يكن منقادا لغرض خاص، لا يجد لنفسه مجالا للتسكع الفكري أمام مأساة فلسطين، بل يرى نفسه مجببرا على الاندفاع في لهيبها والدخول نحوها، بأيسر طريق يحصل فيه منذ الخطوات الأولى على معلومات مختصرة لكنها صحيحة، واضحة لكنها جوهرية.
إن هذه الصفات هي التي تتحقق بالضبط في كتاب (مفاتيح الحرب) الذي نشرته لـ (بيير روسي)، دار (جيرم مرتينو) في سلسلة (المكتبة العربية).
إن الناشر يقدم المؤلف في كلمة مطبوعة على ظهر الكتاب، يقول فيها:
((إن (بيير روسي) من الملاحظين المتميزين للشؤون العربية، إنه من مواليد جزيرة (كورسيكا) من أسرة عربية، ذات تقاليد عائلية في الميدان الإداري والعسكري، فقد عاش (روسي) أكثر من ربع قرن في تلك البلدان (العربية) حيث كان مديرا للمعهد الفرنسي ببغداد، الأمر الذي أتاح له أن يتعرف على الشرق وأزمته، فكان له اتصال مستمر بالمسؤولين وله معهم صداقة، جعلته يحصل على معلومات أساسية استخدم جوهرها في كتابه (مفاتيح الحرب).))
ونضيف إلى ذلك أن (روسي) يتمتع بشيء آخر، بمعادلة شخصية جعلته يهتم بتلك المعلومات ليستخلص منها ذلك النشيد الأساسي، الذي خصص له الفصل الأخير من كتابه تحت عنوان (نشيد العالم).
لم يكن القارئ يتوقع هذا النشيد في كتاب قرأ في سطره الأول هذه الكلمات:((إننا نعيش في عهد الليل)).
وفي عرض الكتاب من السطر الأول إلى الفصل الأخير، لم يتبع المؤلف الطريق السهل الذي يتبعه (المخبر) البسيط، ولا الطريق الملتوي الذي يتعب من يتعمد التفنن في تلك (السرية الخاصة) بأدب الشيفرة، الذي يهواه ويهتم به بعض المستشرقين.