الدول الأوربية، وربما انصرفت الرغبات عن مثل ذلك. لكنهم إذا لم يفعلوا وارتخى موقفهم في ميدان البترول، للأسباب التي قدمناها، فإنهم إذن سيرون النتائج الوخيمة التي أشرنا إليها.
أما إذا انتهجوا منهج الرشاد، فسوف تكون إذن مبادرتهم ذات معنى مهم ومغزى كبير، لأنهم يدركون بفضلها أنهم لا يواجهون مشكلة مؤقتة، أي قضية البترول، بل مشكلة عضوية ألا وهي إقتصادهم في الإتجاه الذي يسير إليه الزمن اليوم.
إنهم سيدركون أن إستقلالهم الإقتصادي في إطار بلد واحد هو ضرب من الأوهام في العصر الحاضر.
فالرقعة الجغرافية العربية مع عدد سكانها ومساحاتها وما تنطوي عليه من خبرات، قد تحقق شروط الكتلة المتكاملة ( autarcie) أي الشروط الأولية للإستقلال الإقتصادي.
فعلى طريق يؤدي إلى هذا الإستقلال، ليست قضية البترول إلا مرحلة؛ لكنها مرحلة ضرورية، لأن مشكلة البترول وما يعلق بها من اعتبارات ملتهبة في الظروف الراهنة كفيلة بتحريك الضمير في العالم العربي نحو وعي اقتصادي، ينسجم مع التطور الراهن أكثر مما يحركه خطاب سياسي.
ثم إن هذه الخطوة تستطيع تصفية (الذهان) المستولي على البلدان المنتجة للبترول خشية أن تفقد عائداته.
وبذلك سوف تساعد هذه الخطوة على وضع الإقتصاد العربي على قواعد سليمة، أكثر ملاءمة مع الإستقلال الإقتصادي، لأن من يسعى لتحرير البترول في الخارج من ربقة الإستعمار، عليه أت يتحرر هو من ربقة البترول في الداخل.