للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فمن الناحية العسكرية ليست القضية في تفوق العتاد وفي عبقرية موشي ديان، كما لا يمل القوم من تكراره لنا منذ شهر، حتى إنهم ضربوا في ألمانيا الغربية صورته على مدالية تذكارية، لتخدير الرأي العام الدولي، ولتنويمنا نحن.

يجب أن ننظر إلى القضية بدقة أكثر: فالعرب لم يكونوا في سيناء، أمام هنيبعل الإسرائيلي الصغير؛ ولكنهم واجهوا بعقلية الصبيان أجهزة في أعلى مستواها التقني وضعها الاستعمار تحت لواء إسرائيلي، ثم أمر اليهود بقصف سفينة التجسس (ليبرتي) كي يزيد في التعمية والتضليل.

لكن الناحية الأخرى تهمنا أكثر بكثير من الناحية العسكرية، إذ يجب أن نقول إن الانتصار الذي حققه اليهود في سيناء، لم تتهيأ شروطه في إسرائيل فحسب ولكن في البلدان العربية، إذ استطاع الاستعمار حتى تنويم الرادار في صبيحة ٥ حزيران (يونيو) الأخير، ولا نذكر هذا التفصيل إلا لمجرد التوضيح.

أما الحقيقة فهي تخص فلسفتنا الثورية بأجمعها. فالثورة حين تخشى أخطاءها ليست بثورة، وإذا هي اكتشفت خطأ من أخطائها ثم التفتت عنه فالأمر أدهى وأمر. وفي هذا الصدد نذكر قول ماركس ((يجب دائما أن نكشف الفضيحة عندما نكتشفها حتى لا تلتهمنا)).

إن الشعب الجزائري قام، بدون شك بثورة مجيدة، ولكن هذا لا يعني أنها خالية من الأخطاء في اطرادها الثوري.

ولست أشير هنا إلى الخطأ البريء الخفيف الذي يتولى الوقت نفسه تصحيحه في الاطراد الثوري، بل أشير إلى الخطأ العضوي سواء أفرزه المجتمع، أو حقن به من الخارج حتى صار جزءا من كيانه.

<<  <   >  >>