فبلاد كالولايات المتحدة حيث تحققت النسبة اللائقة بين عدد السكان والساحات المنتجة أي بين الطاقات الإجتماعية وإمكانيات التراب، تستطيع غلق حدودها دون أن يخل ذلك بميزانيتها الإقتصادية.
إنها وحدة متكاملة ( Autarcie) في حيز الطاقة، تستطيع في كل لحظة أن تكون في حيز الوجود، إذا ما فرضت عليها ظروف خارجية خاصة، أن تستغني عن تجارتها مع الخارج، فتقصر حلقتها التجارية على الداخل فقط.
لكن فكرة التخطيط، في هذه الرقعة، لا تتصدى هنا لمشكلات الوجود، فالقوت متوفر منذ الآن، لكنها تتصدى لمشكلات القوة والهيمنة من أجل الحفاظ على توازن القوى في العالم، كما يزعمون.
ففي رقعة كهذه، تكون مهمة المخطط سهلة نسبيا، لأنها تعنى فقط بإيجاد أفضل استخدام للوسائل يتحقق به أقصى ما يمكن من القوة.
وفي رقعة أخرى، كالاتحاد السوفييتي والصين في بداية إقلاعها، كان على المخطط أن يواجه صنفين من المشكلات:
كان عليه أن يحل أولا، مشكلة القوت في وقت يواجه فيه مشكلة القوة.
إنما هو لن يستطيع حل الثانية إذا لم يحل الأولى قبلها .. يحلها على الأقل بصورة تدريجية.
وهذا يعني من الناحية النظرية، أنه لا يمكن تحقيق اقتصاد تنمية، بطريقة مستقلة عن إقتصاد متين لتحقيق القوت.
هذه الضرورة، المفروضة بحكم الطبيعة على التخطيط، كما رأيناها قد روعيت في بلدين كالصين والإتحاد السوفييتي، وكم يجب من باب أولى، مراعاتها في البلدان المتخلفة.