لفت النظر بصورة عامة، فالمقطع الذي نال منه هتافا أكبر من الحاضرين، هو الذي أشار فيه إلى جذور الثورة الإسلامية.
لقد هتف الشعب لهذا المقطع، لأنه يعيد الثورة إلى إطارها التاريخي الحقيقي. فالشعب أحس عند هذا المقطع بشخصيته تتحرك في أحشائه، ولقد أثارتنا على شاشة التلفزة تلك الصور التي التقطت أثناء الرحلة، حيث نرى رجالا شدادا كالجبال التي حولهم، يجيبون عن الأسئلة المطروحة عليهم وهم يمسحون الدموع. فالقوى الأخلاقية التي قامت بالثورة ثم بدأت تتقهقر في عهد الديماغوجية بدأت تنطلق من جديد. فلعل الإنسان الذي تركته الظروف إلى العزلة والإنفراد يعود إلى عشيرته ومصيره الوطني في المناخ الجديد.
فالحوار الذي دار بين المسؤولين والجماهير، تحت قمم أوراس الشاهقة، قد أعاد في كلمات قالت الحقيقة، الجسر الذي يصل الشعب بالدولة.
وليس غريبا في هذا المناخ من الثقة المتبادلة أن تتحقق المعجزات، ولو كان ثمنها مزيدا من التقشف، لأن الصعوبات لا تزول بين عشية وضحاها بعصا سحرية.
هذا هو السر الذي أدركه (كاسترو) عندما ركز سياسة الإنتاج في بلاده على الحافز الأخلاقي أكثر من الحافز المادي. وقد أنهى بذلك عملية تخريب تقوم بها تحت الأرض شرذمة تسعى لتبريد المناخ الثوري بالمزايدة الديماغوجية أو حتى بالخيانة الصرفة.
إن كل ثورة ملزمة بأن تحمي نفسها من سائر المحاولات التخريبية، التي يكون فيها أصحابها سلطة جانبية في وطن ثوري، يؤثرون فيه حتى لحساب الخارج بما في أيديهم من وسائل السلطة.