للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن المجتمع الذي عانى عندما خضع مثلا لسلطان الاستعمار، اضطرابات في شبكة علاقاته الاجتماعية، سيعاني قطعا مشكلة في علاقاته السلطانية، حين يصبح هيئة سياسية، أي عندما يصبح دولة.

وكل مجتمع أصابت فيه محن الزمن شبكة علاقاته الاجتماعية، سيواجه قطعا سيئات الروح الانفرادية، وستكون فيه العلاقات السلطانية ملوثة لأن (الخضوع) الذي تفرضه العلاقات هذه - أفقيا وعموديا- لا يجد مسوغه بصفته التزاما وواجبا.

ومن هنا ينبغي على هذا المجتمع، عندما يشرع في النهوض، أن يرمم ويصلح شبكة علاقاته الاجتماعية، ليتغلب على الصعوبات الناشئة في نطاق علاقاته السلطانية.

ففي الجزائر على سبيل المثال، نجد أنفسنا أمام هذه المشكلة، بعد أن مرت عليها قرون ما بعد الموحدين وقرون الاستعمار، فنراها تشرط ممارسة السيادة، بمعنى تشرط ثمار الاستقلال كلها.

وفي مرحلة كهذه، يمكن لنا القول إن كل نزعة تمليها الانفرادية، هي بالتالي على حساب السيادة الوطنية.

وربما جاز لنا القول، على قدر خبرتنا وما شاهدناه في الحياة الإدارية، إن المرأة الجزائرية تنسجم منذ الخطوة الأولى مع وظيفة الدولة، لأنها لا تعاني في ذاتها عقدة (الاستقلال) الفردي، التي تجعل (الخضوع) لمقتضيات الوظيفة أمرا صعبا. ونضيف هنا أننا من الناحية الفنية، لا نرى كفاءتها تنقص في شيء.

فإذا ما عددنا بصورة عامة مشكلة العلاقات في عمقها، فإننا نراها تتصل من حيث طريقة حلها بالشروط النفسية الزمنية التي تقوم عليها حضارة، أي بشروط لا تحققها مجرد ثقافة مهنية، بل ثقافة جذرية تغير فنيا معالم الذات.

<<  <   >  >>