لا نستطيع بالطبع ذكر الأسماء، فلنقتنع إذن بذكر النوع الذي نسميه (الفكر الموضوعي).
فقد يكون شابا أو مسنا. وقد يكون (طالبا) لا يطلب علما أو (عاملا) لا يقوم بعمل، فهذا غير مهم.
ففي أي صورة تصورناه، فهو قناع لا نشعر وراءه بشيء يتحرك، يفرح أو يتألم، تحركا نستطيع معه تعريف (الفكر الموضوعي) بأنه شبح له ظاهر إنما ليس له باطن.
وإني أتذكر منذ ثلاثين عاما إذ كنت ذات يوم بالحي اللاتيني بباريس، أتحدث على سطح مقهى مع طالب جزائري، وكان يقول: إنني سأومن بوجود الله عندها أراه.
هذه العبارة تعرفنا بـ (الفكر الموضوعي) من الناحية الفكرية، وهو مازال فجا، لأن الصنف هذا (تقدم)، فلو تكلم أخوه الصغير اليوم لقال: حتى لو رأيت الله فلن أومن به.
إذن (الفكر الموضوعي) تقدم خلال الثلاثين سنة الأخيرة في الجزائر، وبطبيعة الحال فالأمور تجري وفقا لمقدماتها.
فعلى الصعيد السياسي، على سبيل المثال، سيكون (الفكر الموضوعي) محافظا بالمعنى الفزيولوجي والإجتماعي: إنه سيئ فظ على حياته وعلى مصالحه بكل (موضوعية)، لقد حافظ على حياته أثناء الثورة، فبقي بعد الذين خاضوها بوازع ديني صرف.
لقد فضل أن يحتفظ بدمه لاوقات سانحة، ليتحدث فيها عن (الشروط الموضوعية) في الوطن حتى يزج به بعد الثورة في (التقدمية).