لكن الشعب الجزائري، على الرغم من المغالطة الماهرة التي خيبت أمله أكثر من مرة لم يفقد صحوته، فلم تمر عليه مدة طويلة حتى اكتشف الخدعة فميز بين السياسة والصورة التي زيفت عليها فسمى هذه الصورة المزيفة (البوليتيكا).
إن هذه الكلمة طلقة رصاص تجاه المخادعة والنفاق، إنها مكنسة كنس بها الشعب المزابل التي تكومت في سوق (البوليتيكا).
إنها كلمة انتقام وثأر! لأنها تثأر لمن تبقى لديه صفاء بصر على الرغم من الاختلاسات التي مرت.
إنها تثأر للذين نادوا بالواجبات، ورفعوا أصواتهم فوق من ينادي بالحقوق فقط، كأنما الحق شيء يعطى مجانا.
فالفرق بين السياسة و (البلوتيك) هو ذلك: أولا.
فعندما يرتفع الصخب في السوق، وتكثر حركات اليد واللسان، وعندما لا يسمع الشعب غير الحديث عن (الحقوق) دون أن يذكر بواجباته، وعندما يشرع بالطرق السهلة الناعمة، فتلك هي (البلوتيك).
لقد واجه ماركس في عهده صخبا كهذا في خصومة مع من سماهم (صانعي الكيميا المطالبة)، ومن هنا يتضح لنا أن الصراع بين السياسة و (البلوتيك) قديم جدا، وإذا أردنا أن نحددهما من الوجهة النفسية قلنا إن الأولى استبطان القيم بينما الثانية قذف مجرد للكلمات.
والأولى محاولة تأمل في الصورة المثلى لخدمة الشعب، والثانية مجرد صرخات وحركات لمغالطة الشعب واستخدامه.
ومن الناحية الفنية فـ (البلوتيك) ليست مفهوما محددا، ولو لم يضع الشعب الجزائري هذه الكلمة، ما وجدنا كلمة لنعبر بها عنها. ودراسة ملفها