أما في العالم الثالث حيث لا تزال النظم في ورشة الاختبار، وفي حالة التمرين فالمعنى الذي تتكفله تقاليد التاريخ، مفقود أو غير كاف، لأن التقاليد نفسها ما تزال في حيز التكوين.
يجب علينا أن نثري مفهوم (السياسة) بما نستطيع من ملاحظات هي في صلب الحياة. ويبقى على أية حال أن السياسة هي العمل المنظم لـ (جماعة) بكل ما تقتضيه وتفترضه كلمتا تنظيم وجماعة.
فالجماعة التي تدخل في مضمون السياسة، هي مجموعة الافراد الذين تجمع بينهم روابط تاريخية وجغرافية، تتلخص في وحدة مسوغات ووحدة مصير، وقد تكون الجماعة بهذا المفهوم (الأمة).
فبالنسبة لهذا المصطلح فالقضية واضحة إلى حد ما. أما بالنسبة لـ (التنظيم) فالأمر يختلف. فنحن نعيش في وطن هو دون التكوين والتمرين في كل مجال، أي في الدور الذي يفرض عليه أولا التفكير في قضية (العمل المنظم)(١).
ولا ينبغي أن نتصور (العمل) فحسب، بل أن نلم بالنظرة نفسها بسائر الشروط التي يفترضها العمل، حتى لا يبقى دون الهدف، ولا أن يتعدى حدود الهدف، أي- بعبارة مألوفة- حتى لا نتورط في طرفي تفريط أو إفراط.
ففي الحالة الأولى تكون السياسة مشوبة بـ (اللافعالية)، وفي الأخرى تكون مشوهة بالإجحاف. والعمل السياسي إذن يقتضي مستوى الدولة شروطا ثلاثة على الأقل:
أولا: تصور (العمل) أي تحديد السياسة بأكثر ما يمكن من الوضوح.
(١) إننا حين نطرح هذه القضية بالنسبة للجزائر، نعلم أنها قضية تواجه كل بلد إسلامي.