الْحَائِضِ فِي الْأَحْكَامِ كُلِّهَا إلَّا أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مُخْتَلَفًا فِي بَعْضِهَا أَحَدُهَا أَنَّ النِّفَاسَ لَا يَكُونُ بُلُوغًا فَإِنَّ الْبُلُوغَ يَحْصُلُ بِالْحَمْلِ قَبْلَهُ والحيض قد يكون بلوغا الثاني لَا يَكُونُ النِّفَاسُ اسْتِبْرَاءً الثَّالِثُ لَا يُحْسَبُ
النِّفَاسُ مِنْ عِدَّةِ الْإِيلَاءِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَإِذَا طَرَأَ عَلَيْهَا قَطَعَهَا بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ وَلَا يُقْطَعُ الرَّابِعُ لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِالْحَيْضِ وَفِي انْقِطَاعِهِ بِالنِّفَاسِ وَجْهَانِ وَمَا سِوَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ يَسْتَوِي فِيهِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا حَرُمَ عَلَى الْحَائِضِ كالصلاة والصوم والوطئ وغيرهما مِمَّا سَبَقَ وَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا يَسْقُطُ عَنْ الْحَائِضِ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَمْكِينِ الزَّوْجِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَغَيْرِهَا مِمَّا سَبَقَ وَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا وَطَلَاقُهَا وَيُكْرَهُ عُبُورُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا إذَا لَمْ نُحَرِّمْهُمَا وَيَلْزَمُهَا الغسل وقضاء الصوم ونمنع صِحَّةَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالطَّوَافِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْغُسْلِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ النِّفَاسُ يُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُ الْحَيْضُ وَيُسْقِطُ مَا يُسْقِطُهُ الْحَيْضُ فَكَلَامٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ نَاقِصٌ لِأَنَّ بَاقِيَ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِالْعِبَارَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا أَوَّلًا لِسُهُولَتِهَا وَكَأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ تَنْبِيهًا بِهِ عَلَى الْبَاقِي وَلِهَذَا قَالَ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَيْضِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ النُّفَسَاءَ لَهَا حُكْمُ الْحَائِضِ لا خلاف فيه ونقل ابن جريج إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ وَنَقَلَ الْمَحَامِلِيُّ اتِّفَاقَ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْحَائِضِ فِي كُلِّ شئ وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ مَا ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
ذَكَرْنَا أَنَّ النُّفَسَاءَ يَسْقُطُ عَنْهَا فَرْضُ الصَّلَاةِ وَهَذَا جَارٍ فِي كُلِّ نُفَسَاءَ وَحَكَى الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَجْهًا أَنَّهَا لَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً لِيَسْقُطَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَأَسْقَطَتْهُ مَيِّتًا وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ صَلَوَاتِ أَيَّامِ النِّفَاسِ لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ وَالْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَسَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
* الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي حَقِيقَةِ النفاس وحكم الدم قبل الولادة وبعدها ومعها فَأَمَّا الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَنِفَاسٌ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْخَارِجِ مَعَ الْوَلَدِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُصَنِّفِينَ وَبِهِ قَطَعَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنِفَاسٍ بَلْ لَهُ حُكْمُ الدَّمِ الْخَارِجِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَسَنَذْكُرُ حُكْمَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاحْتَجَّ لَهُ الْأَصْحَابُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ ابْتِدَاءَ السِّتِّينَ يَكُونُ عَقِبَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ فَلَوْ جَعَلْنَاهُ نِفَاسًا لَزَادَتْ مُدَّةُ النِّفَاسِ علي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute