(فَرْعٌ)
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ الْجَنَائِزِ
(إحْدَاهَا) قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَأَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ مَسْحُ رَأْسِ الْيَتِيمِ وَدَهْنِهِ وَإِكْرَامِهِ وَلَا يُقْهَرُ وَلَا يُنْهَرُ (الثَّانِيَةُ) الْمُسْتَحَبُّ خَفْضُ الصَّوْتِ فِي السَّيْرِ بالجنازة ومعها فلا يشتغلوا بشئ غير الفكر فيما هي لا قية وَصَائِرَةٌ إلَيْهِ وَفِي حَاصِلِ الْحَيَاةِ وَأَنَّ هَذَا آخرها ولابد مِنْهُ وَقَدْ أَفْرَدَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ والبيهقي في السنن الكبير بَابًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادِ - بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ - قَالَ " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ ثَلَاثٍ عِنْدَ الْقِتَالِ وَعِنْدَ الْجَنَائِزِ وَعِنْدَ الذِّكْرِ " قَالَ وَذَكَرَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ
وَعِنْدَ قِرَاءَةِ القرآن وعند القتال قال ذكره الحسن وسعيد ابن جبيرو النخعي واسحق قول القائل خلف الجنازة استغفر الله له وقال عطاء هي محدثة وقال الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَنَحْنُ نَكْرَهُ مِنْ ذلك ما كرهوا (الثالثة) عن عبيد ابن خَالِدٍ الصَّحَابِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " موت الفجأة أَخْذَةُ أَسِفٍ " وَرُوِيَ مَرْفُوعًا هَكَذَا وَمَوْقُوفًا عَلَى عبيد ابن خَالِدٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد هَكَذَا بِالْوَجْهَيْنِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ الْأَسِفُ الْغَضْبَانُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى (فلما آسفون) وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ وَجَمَاعَةً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ مَاتُوا فَجْأَةً قَالَ وَهُوَ مَوْتُ الصَّالِحِينَ وَهُوَ تَخْفِيفٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لُطْفٌ وَرِفْقٌ بِأَهْلِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ الْمُتَيَقِّظِينَ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَهُ تَعَلُّقَاتٌ يَحْتَاجُ إلَى الْإِيصَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَاسْتِحْلَالِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ أَوْ مُصَاحَبَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَالْفَجْأَةُ فِي حَقِّهِ أَخْذَةُ أَسِفٍ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا فِي مَوْتِ الْفَجْأَةِ هُوَ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَأَخْذَةُ أَسَفٍ لِلْفَاجِرِ وَرَوَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (الرَّابِعَةُ) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَّا رَجُلًا مُخْتَلَفًا فِي تَوْثِيقِهِ وَقَدْ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الْحَاكِمُ هُوَ صَحِيحٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتَعْمَلَ أَبُو سعيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ فِي تَحْسِينِ الْكَفَنِ أَحَادِيثُ قَالَ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالثِّيَابِ الْعَمَلُ فَيُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ مِنْ عمل صالح أوسئ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute