الْحَيْضُ فِي وَسَطِ صَلَاةٍ فَتَبْطُلُ وَيَنْقَطِعُ فِي وَسَطِ أُخْرَى فَتَجِبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا مِثْلَيْنِ: وَمَنْ فَاتَهُ صَلَاتَانِ مُتَمَاثِلَتَانِ لَا يَعْرِفُهُمَا لَزِمَهُ صَلَوَاتُ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّتْ فِي أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ ابْتِدَاءُ الْحَيْضِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاة لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمُخْتَصَرِ مِنْ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ الْآنَ مُخَالِفٌ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِكُمْ يَجِبُ قَضَاءُ كُلِّ صَلَاةٍ فَإِنَّكُمْ الْآنَ صِرْتُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْخَمْسَةَ عشر الا قضاء خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَضَاءِ خَمْسِ صَلَوَاتٍ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ أَمْرٌ أَغْفَلَهُ الْأَصْحَابُ وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ فِيمَا إذَا أَرَادَتْ أَنْ تَبْرَأَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَمَّا عَلَيْهَا وَكَانَتْ تُؤْثِرُ الْمُبَادَرَةَ وَتَخَافُ الْمَوْتَ فِي آخِرِ كُلِّ لَيْلَةٍ فَأَمَّا إذَا أَخَّرَتْ الْقَضَاءَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْخَمْسَةِ عَشَرَ إلَّا قَضَاءُ صَلَوَاتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ نَسَبَنَا نَاسِبٌ إلَى مُخَالِفَةِ الْأَصْحَابِ سَفَّهْنَا عَقْلَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمُقَاضَاةِ يَتَعَلَّقُ بِمَسَالِكِ الِاحْتِمَالَاتِ وَقَدْ مَهَّدَ الْأَئِمَّةُ الْقَوَاعِدَ كَالتَّرَاجِمِ وَوَكَّلُوا اسْتِقْصَاءَهَا إلَى أَصْحَابِ الْفِطَنِ وَالْقَرَائِحِ وَنَحْنُ نُسَلِّمُ لِمَنْ يَبْغِي مَزِيدًا أَنْ يُبْدِيَ شَيْئًا وَرَاءَ مَا ذَكَرْنَا مُفِيدًا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا.
وَبِالْجُمْلَةِ النَّظَرُ الَّذِي يُخَفِّفُ فِي أَمْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ بَالِغُ الْمَوْقِعِ مُسْتَفَادٌ: هَذَا آخِرُ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ بِمَا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا لَا يَجِبُ فِي الشَّهْرِ إلَّا قَضَاءُ صَلَوَاتِ يَوْمَيْنِ هَذَا بَيَانُ صَلَوَاتِ الْوَقْتِ فَأَمَّا إذَا أَرَادَتْ صَلَاةً مَقْضِيَّةً أَوْ مَنْذُورَةً فَفِيهَا كَلَامٌ نَذْكُرُهُ بَعْدَ صيامها ان شاء الله تعالى
(فَصْلٌ فِي صِيَامِ الْمُتَحَيِّرَةِ)
اتَّفَقَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَصُومَ جَمِيعَ شَهْرِ رَمَضَانَ لِاحْتِمَالِ الطُّهْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَإِذَا صَامَتْهُ وَكَانَ تَامًّا اخْتَلَفُوا فِيمَا يُحْسَبُ لَهَا مِنْهُ فَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَجَمَاعَاتٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهَا مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَبِهَذَا قَطَعَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ مِمَّنْ قَطَعَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي الْإِفْصَاحِ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَآخَرُونَ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي عَنْ أَصْحَابِنَا كُلِّهِمْ وَنَقَلَهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ
جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا قَالَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ خِلَافًا إلَّا مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُحِيطِ عَنْ عَامَّةِ مَشَايِخِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَأَجْمَعَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ وَقَطَعَ بِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ الْخُلَاصَةِ وَالْجُرْجَانِيُّ فِي كِتَابَيْهِ التَّحْرِيرِ وَالْبُلْغَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ إمَامُ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute