للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى حَائِطٍ وَتَيَمَّمَ ثُمَّ أَجَابَ وَقِيلَ كَانَ التَّيَمُّمُ فِي الْإِقَامَةِ وَمَوْضِعِ الْمَاءِ وَلَكِنْ أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْظِيمًا لِلسَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ التَّيَمُّمُ إبَاحَةَ مَحْظُورٍ قَالَ فَلَوْ تَيَمَّمَ الْمُحْدِثُ وَقَرَأَ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ كَانَ جَائِزًا عَلَى مُقْتَضَى الْحَدِيثِ هَذَا كَلَامُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ مِثْلَهُ وَلَا نعرف أحد وَافَقَهُمَا وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أبى الجهيم ابن الحرث الا انه ليس فيه انه تيمم فِي الْمَدِينَةِ بَلْ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَتَيَمَّمَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَعَادِمًا لِلْمَاءِ وَسَنُعِيدُ الْحَدِيثَ وَالْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ

*

* (فَصْلٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَأَحْكَامِهَا)

* [وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمَا يُنْدَبُ فِيهَا وَمَا تُنَزَّهُ مِنْهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ] وَفِيهِ مَسَائِلُ: إحْدَاهَا قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَحْرُمُ الْعُبُورُ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ وَلَا كَرَاهَةَ فِي الْعُبُورِ سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَمْ لِغَيْرِهَا لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَعْبُرَ إلَّا لِحَاجَةٍ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا وَإِشَارَةً وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ إنْ عَبَرَ لِغَيْرِ غَرَضٍ كُرِهَ وَإِنْ كَانَ لِغَرَضٍ فَلَا: وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعُبُورُ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا غَيْرَهُ وَقَطَعَ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعُبُورُ إلَّا لِحَاجَةٍ وَهَذَانِ شَاذَانَ وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ

لِحَاجَةٍ وَلِغَيْرِهَا وَلِمَنْ وَجَدَ طَرِيقًا وَلِغَيْرِهِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ (الثَّانِيَةُ) : لَوْ احْتَلَمَ فِي الْمَسْجِدِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْ الْخُرُوجِ لِإِغْلَاقِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَإِنْ عَجَزَ أَوْ خَافَ جَازَ أَنْ يُقِيمَ لِلضَّرُورَةِ: قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ فَإِنْ وَجَدَ تُرَابًا غَيْرَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ تَيَمَّمَ وَلَا يَتَيَمَّمْ بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا مَمْلُوكًا فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ بِهِ فَإِنْ خَالَفَ وَتَيَمَّمَ بِهِ صَحَّ وَلَوْ أَجْنَبَ وَهُوَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْمَاءُ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَ وَيَغْتَسِلَ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>