للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْبَثُ لَحْظَةً مَعَ الْجَنَابَةِ: قَالَ الْبَغَوِيّ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ إنَاءٌ تَيَمَّمَ ثُمَّ دَخَلَ وَأَخْرَجَ فِيهِ الْمَاءَ لِلْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنَاءٌ صلى بالتيمم ثم يعيد وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ (١) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْغُسْلُ فِيهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَجِدْ إنَاءً وَلَا يَكْفِي التَّيَمُّمُ حِينَئِذٍ لِأَنَّا جَوَّزْنَا الْمُرُورَ فِي الْمَسْجِدِ الطَّوِيلِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ مُكْثُ لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ لِضَرُورَةٍ لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهَا: وَإِذَا دَخَلَ لِلِاسْتِقَاءِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقِفَ إلَّا قَدْرَ حَاجَةِ الِاسْتِقَاءِ

* (فَرْعٌ)

لَوْ احْتَلَمَ فِي مَسْجِدٍ لَهُ بَابَانِ أحدهما أقرب فالاول أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْأَقْرَبِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْأَبْعَدِ لِغَرَضٍ بِأَنْ كَانَتْ دَارُهُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا فَفِي الْكَرَاهَةِ وَجْهَانِ (٢) حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي بِنَاءً عَلَى الْمُسَافِرِ إذا كان له طريقان يقصر في أحدهما دون الآخر فسلك الا بعد لِغَيْرِ غَرَضٍ هَلْ يَقْصُرُ فِيهِ قَوْلَانِ: (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَسَوَاءٌ قَعَدَ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَانْتِظَارِ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ سَمَاعِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ آخَرَ أَوْ وَعْظٍ أَمْ لِغَيْرِ غَرَضٍ وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ كَانَ لِغَيْرِ غَرَضٍ كُرِهَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ أَوْ مَنَعُوا مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ حَتَّى يَثْبُتَ نَهْيٌ (الرَّابِعَةُ) يَجُوزُ النَّوْمُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ عِنْدَنَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَشْرَافِ رَخَّصَ فِي النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا تَتَّخِذُوهُ مَرْقَدًا: وَرُوِيَ عَنْهُ إنْ كُنْت تَنَامُ لِلصَّلَاةِ فَلَا بَأْسَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُكْرَهُ النَّوْمُ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِلْغُرَبَاءِ وَلَا أَرَى ذَلِكَ لِلْحَاضِرِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ شِبْهَهُ

فَلَا بَأْسَ وَإِنْ اتَّخَذَهُ مَقِيلًا وَمَبِيتًا فَلَا: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ: رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ مسعود وابن عباس ومجاهد وسعيد ابن جبير ما يدل على كراهتهم النَّوْمَ فِي الْمَسْجِدِ: قَالَ فَكَأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا لِمَنْ وَجَدَ مَسْكَنًا أَنْ لَا يَقْصِدَ النَّوْمَ فِي الْمَسْجِدِ

* وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ أَصْحَابُنَا لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنْتُ أَنَامُ فِي المسجد وأنا شاب أعزب وَثَبَتَ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا يَنَامُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَّ الْعُرَنِيِّينَ كَانُوا يَنَامُونَ فِي الْمَسْجِدِ وثبت في الصحيين أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَامَ فِيهِ وَأَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ نَامَ فِيهِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ صَاحِبَةَ الْوِشَاحِ كَانَتْ تَنَامُ فِيهِ وَجَمَاعَاتٌ آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ كَانَ يَبِيتُ فِيهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَكُلُّ هَذَا في زمن


(١) هذا فيه نظر والمختار ما قاله البغوي رحمه الله فان الامتناع الشرعي كالحسى فيتيمم ويقضي اه اذرعي (٢) قال في الروضة اصحهما لا يكره ومقتضي هذا البناء ترجيح الكراهة لان الاصح عدم القصر والمختار الاول والفرق ظاهر اه اذرعى

<<  <  ج: ص:  >  >>