فَلَيْسَ مَعْنَاهُ السَّاعَةُ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ بَلْ الْمُرَادُ مَجَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْحَاوِي فَقَالَ لَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كُتُبِهِ نص في أقل النفاس وروى أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ أَنَّ أَقَلَّهُ سَاعَةٌ قَالَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ السَّاعَةُ حَدٌّ لِأَقَلِّهِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ
قَوْلُ أَبِي العباس وجميع البغداديين انه محدود الاقل بساعة وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ السَّاعَةَ تَقْلِيلًا لَا تَحْدِيدًا وَأَقَلُّهُ مَجَّةُ دَمٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ واحمد واسحق هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْحَاوِي وَقَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُزَنِيِّ أَقَلُّهُ سَاعَةٌ وَأَشَارَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إلَى أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي ذكل قَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إذَا وَلَدَتْ فَهِيَ نُفَسَاءُ فَإِذَا أَرَادَتْ الطُّهْرَ وَجَبَ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ قَالَ وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ سَاعَةٌ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ أَقَلَّهُ مَجَّةٌ وَبَنَى صَاحِبُ الْحَاوِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَحْدِيدِهِ بِسَاعَةٍ أَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَصْلًا وَقُلْنَا إنَّ الْوِلَادَةَ بِلَا دَمٍ تُوجِبُ الْغُسْلَ فَهَلْ يَصِحُّ غُسْلُهَا عَقِبَ الْوِلَادَةِ ام لابد مِنْ تَأْخِيرِهِ سَاعَةً فِيهِ وَجْهَانِ إنْ قُلْنَا مَحْدُودٌ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَهَذَا الْبِنَاءُ ضَعِيفٌ انْبَنِي عَلَى ضَعِيفٍ بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ غُسْلِهَا وَكَيْفَ تُمْنَعُ صِحَّتُهُ بِسَبَبِ النِّفَاسِ وَلَا دَمَ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ ابْتِدَاءَ السِّتِّينَ يَكُونُ عَقِيبَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ سَوَاءٌ قُلْنَا الدَّمُ الْخَارِجُ مَعَ الْوَلَدِ نِفَاسٌ أَمْ لَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ غَالِبَ النِّفَاسِ وَتَرْكُهُ عَجَبٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ هُوَ فِي التَّنْبِيهِ وَالْأَصْحَابُ ثُمَّ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ هَذَا تُرَدُّ الْمُبْتَدَأَةُ إلَى غَالِبِهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا يَزِيدُ التَّعَجُّبَ مِنْ تركه وكأنه اسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهِ وَقَدْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ غَالِبَهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَمَأْخَذَهُ الْعَادَةُ وَالْوُجُودُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَسْمَاءَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَقَدْ بَيَّنَّا حالهما في
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute