[الشَّرْحُ] إذَا عَبَرَ دَمُ النُّفَسَاءِ السِّتِّينَ فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَالْحَيْضِ إذَا عَبَرَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الرَّدِّ إلَى التَّمْيِيزِ إنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً أَوْ الْعَادَةِ إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ أَوْ الْأَقَلِّ أَوْ الْغَالِبِ إنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَوَجْهُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهَذَا الطَّرِيقُ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَشَيْخُهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حكاه المحاملي وبن الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَآخَرُونَ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا بِاتِّفَاقِهِمْ أَنَّهُ كَالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنَّ السِّتِّينَ كُلَّهَا نِفَاسٌ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ اسْتِحَاضَةٌ وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْقَاصِّ فِي الْمِفْتَاحِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ حَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَهُ الْمُزَنِيّ فِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيْضِ بِأَنَّ الْحَيْضَ مَحْكُومٌ بِهِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ مَقْطُوعًا بِهِ فَجَازَ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ إلَى ظَاهِرٍ آخَرَ وَالنِّفَاسُ مَقْطُوعٌ بِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا بِيَقِينٍ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْأَكْثَرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الْقَائِلُ يَجْعَلُ الزَّائِدَ اسْتِحَاضَةً إلَى تَمَامِ طُهْرِهَا الْمُعْتَادِ ان كانت معتادة أو المردود
إلَيْهِ إنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً ثُمَّ مَا بَعْدَهُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ السِّتِّينَ نِفَاسٌ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ حَيْضٌ عَلَى الِاتِّصَالِ بِهِ لِأَنَّهُمَا دَمَانِ مُخْتَلِفَانِ فَجَازَ أَنْ يَتَّصِلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَبِهَذَا الْوَجْهِ قال أبو الحسن بن المرزبانى قال صاحبا التَّتِمَّةِ وَالْعُدَّةِ وَغَيْرُهُمَا فَعَلَى هَذَا إنْ زَادَ الدَّمُ بَعْدَ السِّتِّينَ حَكَمْنَا بِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ فِي الْحَيْضِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَأَصْلُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَتَّصِلَ دَمُ الْحَيْضِ بِدَمِ النِّفَاسِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ طُهْرٍ فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ حَكَاهُمَا أَبُو اسحق الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُصَنَّفُ فِي الْحَيْضِ قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ رَأَتْ الْحَامِلُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا ثُمَّ وَلَدَتْ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقُلْنَا الْحَامِلُ تَحِيضُ فَهَلْ تَكُونُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ حَيْضًا أَمْ لَا وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَنْ يَقُولُ لَا يَتَّصِلُ الْحَيْضُ بِالنِّفَاسِ كَمَا لَا يَتَّصِلُ حَيْضٌ بِحَيْضٍ وَالثَّانِي يَتَّصِلُ لِاخْتِلَافِهِمَا ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ حكو الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ أَطْلَقُوهَا وَخَصَّصَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَآخَرُونَ الْأَوْجُهَ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ وَقَطَعُوا بِأَنَّ الْمُمَيِّزَةَ تُرَدُّ إلَى التَّمْيِيزِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ أَنَّهَا كَالْحَائِضِ إذَا عَبَرَ دَمُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ أَصْحَابُنَا إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَذَكَرَتْ عَادَتَهَا فَقَالَتْ كُنْتُ أَنْفُسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مَثَلًا رُدَّتْ إلَى عَادَتِهَا وَكَانَ نِفَاسُهَا أَرْبَعِينَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ الْعَادَةِ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْحَيْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ تَصِيرُ مُعْتَادَةً بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا رُدَّتْ إلَى الْعَادَةِ فِي النِّفَاسِ فَلَهَا فِي الْحَيْضِ حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً فِي الْحَيْضِ ايضا فيحكم لها بالطهر بعد الاربعين عل قَدْرِ عَادَتِهَا فِي الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ عَلَى قدر عادتها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute