للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَنْدَفِعْ بِذَلِكَ وَحْدَهُ شَدَّتْ مَعَ ذَلِكَ عَلَى فَرْجِهَا وَتَلَجَّمَتْ وَهُوَ أَنْ تَشُدَّ عَلَى وَسَطِهَا خِرْقَةً أَوْ خَيْطًا

أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ عَلَى صُورَةِ التِّكَّةِ وَتَأْخُذَ خِرْقَةً أُخْرَى مَشْقُوقَةَ الطَّرَفَيْنِ فَتُدْخِلَهَا بَيْنَ فَخْذَيْهَا وَأَلْيَتِهَا وَتَشُدَّ الطَّرَفَيْنِ فِي الْخِرْقَةِ الَّتِي فِي وَسَطِهَا أَحَدُهُمَا قُدَّامَهَا عِنْدَ سُرَّتِهَا وَالْآخَرُ خَلْفَهَا وَتُحْكِمَ ذَلِكَ الشَّدَّ وَتُلْصِقَ هَذِهِ الْخِرْقَةَ الْمَشْدُودَةَ بَيْنَ الْفَخْذَيْنِ بِالْقُطْنَةِ الَّتِي عَلَى الْفَرْجِ إلْصَاقًا جَيِّدًا وَهَذَا الْفِعْلُ يُسَمَّى تَلَجُّمًا وَاسْتِثْفَارًا لِمُشَابَهَتِهِ لِجَامَ الدَّابَّةِ وَثَفَرَهَا بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْفَاءِ وَسَمَّاهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّعْصِيبَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحَشْوِ وَالشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ وَاجِبٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَتَأَذَّى بِالشَّدِّ وَيَحْرِقَهَا اجْتِمَاعُ الدَّمِ فَلَا يَلْزَمُهَا لِمَا فِيهِ من الضرر الثاني ان تكون صائمة فترك الحشو نهار أو تقتصر عَلَى الشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ قَالُوا وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ عَلَى الْوُضُوءِ وَتَتَوَضَّأُ عَقِبَ الشَّدِّ مِنْ غَيْرِ إمْهَالٍ فَإِنْ شَدَّتْ وَتَلَجَّمَتْ وَأَخَّرَتْ الْوُضُوءَ وَطَالَ الزَّمَانُ ثُمَّ تَوَضَّأَتْ فَفِي صِحَّةِ وُضُوئِهَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْحَاوِي قَالَ وَهُمَا الْوَجْهَانِ فِيمَنْ تَيَمَّمَ وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا اسْتَوْثَقَتْ بِالشَّدِّ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ خَرَجَ دَمُهَا بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهَا وَلَا صَلَاتُهَا وَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بَعْدَ فَرْضِهَا ما شاءت من النوفل لِعَدَمِ تَفْرِيطِهَا وَلِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ (إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي) فَهَذَا مَعَ حَدِيثِ حَمْنَةَ دَلِيلٌ لِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَيَنْضَمُّ إلَيْهِ الْمَعْنَى الَّذِي قَدَّمْنَاهُ واما إذا خرج الدم لتقصيرها فِي الشَّدِّ أَوْ زَالَتْ الْعِصَابَةُ عَنْ مَوْضِعِهَا لِضَعْفِ الشَّدِّ فَزَادَ خُرُوجُ الدَّمِ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ طُهْرُهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَطُلَتْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فَرِيضَةٍ لَمْ تُسْتَبَحْ نَافِلَةٌ لِتَقْصِيرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* وَأَمَّا تَجْدِيدُ غَسْلِ الْفَرْجِ وَحَشْوِهِ وَشَدِّهِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فَيُنْظَرُ إنْ زَالَتْ الْعِصَابَةُ عَنْ مَوْضِعِهَا زَوَالًا لَهُ تَأْثِيرٌ أَوْ ظَهَرَ الدَّمُ عَلَى جَوَانِبِ الْعِصَابَةِ وَجَبَ التَّجْدِيدُ بِلَا خِلَافٍ نَقَلَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ كَثُرَتْ وَأَمْكَنَ تَقْلِيلُهَا وَالِاحْتِرَازُ عَنْهَا فَوَجَبَ التَّجْدِيدُ كَنَجَاسَةِ النَّجْوِ إذَا خَرَجَتْ عَنْ الْأَلْيَيْنِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ وان لم تزل العصابة عن موضعها ولاظهر الدَّمُ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْخُرَاسَانِيُّونَ أَصَحُّهُمَا عِنْدَهُمْ وُجُوبُ التَّجْدِيدِ كَمَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إذْ لَا مَعْنَى لِلْأَمْرِ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِهَا بِخِلَافِ الْأَمْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>