وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ: وَعَجَبٌ إرْسَالُ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الرَّاجِحِ مِنْهُمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا وَقَدْ ذَكَرَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ فِي بَابِ الْآنِيَةِ أَنَّ الْقَوْلَ بِالطَّهَارَةِ هُوَ نصفه فِي الْأُمِّ وَبِالنَّجَاسَةِ هُوَ نَصُّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَسَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَأَمَّا قوله تعالي (انما المشركون نجس) فَلَيْسَ الْمُرَادُ نَجَاسَةَ الْأَعْيَانِ وَالْأَبَدَانِ بَلْ نَجَاسَةُ الْمَعْنَى وَالِاعْتِقَادِ وَلِهَذَا رَبَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَسِيرَ الْكَافِرَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَأَمَّا بَاقِي الْمَيْتَاتِ فَنَجِسَةٌ وَدَلِيلُهَا الْإِجْمَاعُ وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ فَقَالُوا الْمَيْتَاتُ نَجِسَةٌ إلَّا خَمْسَةَ أَنْوَاعٍ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْآدَمِيُّ وَالصَّيْدُ إذَا قَتَلَهُ سَهْمٌ أَوْ كَلْبٌ مُعَلَّمٌ أَرْسَلَهُ أَهْلٌ لِلذَّكَاةِ وَالْجَنِينُ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَزَادَ الْقَفَّالُ فَحَكَمَ بِطَهَارَةِ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فِي قَوْلٍ كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ فِي بَابِ الْمِيَاهِ وَحَكَى صَاحِبُ الْحَاوِي وَالشَّاشِيُّ عَنْهُ وَجْهَيْنِ فِي نَجَاسَةِ الضُّفْدَعِ بالموت ولا يرد شئ مِنْ هَذَا عَلَى الْمُصَنِّفِ أَمَّا الصَّيْدُ وَالْجَنِينُ فَلَيْسَا مِنْهُ بَلْ جَعَلَ الشَّرْعُ هَذَا ذَكَاتَهُمَا وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ) فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ مُذَكًّى شَرْعًا وَإِنْ لَمْ تَنَلْهُ السِّكِّينُ مُبَاشَرَةً وَأَمَّا مَا زَادَهُ الْقَفَّالُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي فَضَعِيفٌ انْفَرَدَا بِهِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَالصَّحِيحُ النَّجَاسَةُ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ هُنَاكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَحْرُمُ الْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَكَانَ نَجِسًا فَيَنْتَقِضُ بِالْمُخَاطِ وَالْمَنِيِّ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَ فَإِنَّهَا
مُحَرَّمَةُ الْأَكْلِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَيْسَتْ نَجِسَةً فَكَانَ يَنْبَغِي أن يقول من غير ضرر وَلَا اسْتِقْذَارٍ وَقَوْلُهُ فِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ يَحِلُّ أَكْلُهَا يَعْنِي مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا حَاجَةٍ والا فالميتة يحل أكلها فِي الْمَخْمَصَةِ وَيَحِلُّ أَكْلُ الدَّوَاءِ النَّجِسِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
الْعُضْوُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ كَأَلْيَةِ الشَّاةِ وَسَنَامِ الْبَعِيرِ وَذَنَبِ الْبَقَرَةِ وَالْأُذُنِ وَالْيَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ نَجِسٌ بِالْإِجْمَاعِ وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ مِنْ السُّنَّةِ حَدِيثُ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute