للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى طَهَارَتِهِ وَجَوَازِ شُرْبِهِ ثُمَّ إنَّ مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَ الْجُمْهُورِ جَوَازُ شُرْبِهِ مَا لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا وَإِنْ جَاوَزَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْبَذُ لَهُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فيشربه إذا أصبح يومه ذاك والليلة التي تجئ وَالْغَدَ وَاللَّيْلَةَ الْأُخْرَى وَالْغَدَ إلَى الْعَصْرِ فَإِنْ بقى شئ سَقَى الْخَادِمَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَصُبَّ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُنْقَعُ لَهُ الزَّبِيبُ فَيَشْرَبُهُ الْيَوْمَ وَالْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ إلَى مَسَاءِ الثَّالِثَةِ ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ فَيُسْقَى أَوْ يُهْرَاقُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ (يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ فِي السِّقَاءِ فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ وَالْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ فَإِذَا كَانَ مَسَاءُ الثَّالِثَةِ شَرِبَهُ وَسَقَاهُ فَإِنْ فضل شئ أَهْرَاقَهُ) وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذِ إلَّا فِي سِقَاءٍ فَانْتَبِذُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَهَذَا عَامٌّ يَتَنَاوَلُ مَا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَثْبُتْ نَهْيٌ فِي الزِّيَادَةِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِإِبَاحَةِ مَا لَمْ يَصِرْ مسكرا وان زاد علي الثلاثة وَالْجَوَابُ عَنْ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اُحْتُجَّ بِهَا لِأَحْمَدَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمٍ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ بَلْ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بحرام بعد الثلاثة لانه صلى الله عليه وسلم (كَانَ يَسْقِيهِ الْخَادِمَ) وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يَسْقِهِ وَإِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَشْرَبُهُ مَا لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوُهَا امْتَنَعَ مِنْ شُرْبِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ صَارَ مُسْكِرًا أَمَرَ بِإِرَاقَتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ نَجِسًا مُحَرَّمًا وَلَا يَسْقِيهِ الْخَادِمَ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الْخَادِمِ كَمَا هُوَ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا سَقَاهُ الخادم ولا بريقه لِأَنَّهُ حَلَالٌ وَمَالٌ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُحْتَرَمَةِ وَلَا يَجُوزُ إضَاعَتُهَا وَإِنَّمَا تَرَكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُرْبَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَنَزُّهًا وَاحْتِيَاطًا كَمَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَ الضَّبِّ وَأَكَلُوهُ بِحَضْرَتِهِ وَقِيلَ لَهُ (أَحَرَامٌ هُوَ) قَالَ (لَا وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ) وَقَدْ حَصَلَ

مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ لَفْظَةَ أَوْ فِي قَوْلِهِ سَقَاهُ الْخَادِمَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَصُبَّ لَيْسَتْ لِلشَّكِّ وَلَا لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِلتَّقْسِيمِ وَاخْتِلَافِ الْحَالِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>