مَذْهَبِهِمْ عَلَيْهِ فَأَرَدْتُ إيضَاحَ الْحَدِيثِ وَرَاوِيهِ فَقَدْ يُقَالُ لَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ إلَّا مُفَسَّرًا فَفَسَّرْتُهُ وَأَمَّا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ فَمُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وفى رِوَايَتِهِ عَنْ الْحِجَازِيِّينَ وَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ عَنْ الشَّامِيِّينَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حِجَازِيٌّ فَلَا يحتج به لو لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ سَبَبٌ آخَرُ يُضَعِّفُهُ وَكَيْفَ وَفِيهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ الَّذِي حَالُهُ مَا وَصَفْنَاهُ وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ مَعَ هَذِهِ السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَظَاهِرَةِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ حَدِيثُكُمْ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ أَفْتَى بِغَسْلِهِ ثَلَاثًا فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحْسَنُهُمَا أَنَّ هَذَا لَيْسَ بثابت عنه فلا يُقْبَلْ دَعْوَى مَنْ نَسَبَهُ إلَيْهِ بَلْ قَدْ نقل بن الْمُنْذِرِ عَنْهُ وُجُوبَ الْغُسْلِ سَبْعًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ مُنْصِفٍ مِمَّنْ لَهُ أَدْنَى عِنَايَةٍ أَنَّ ابْنَ الْمُنْذِرِ إمَامُ هَذَا الْفَنِّ أَعْنِي نَقَلَ مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فمن بعدهم ان مُعَوَّلَ الطَّوَائِفِ فِي نَقْلِ الْمَذَاهِبِ عَلَيْهِ الْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ عَمَلَ الرَّاوِي وَفَتْوَاهُ بِخِلَافِ حَدِيثٍ رَوَاهُ لَيْسَ بِقَادِحٍ فِي صِحَّتِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْأُصُولِيِّينَ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الرَّاوِي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ إذَا كَانَ قَوْلُهُ تَفْسِيرًا لِلْحَدِيثِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِظَاهِرِهِ وَمَعْلُومٌ ان هذا لا يجئ فِي مَسْأَلَتِنَا فَكَيْفَ نَجْعَلُ السَّبْعَ ثَلَاثًا
وَأَمَّا الجواب عن ما احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ اغْسِلُوهُ سَبْعَ مِرَارٍ إحْدَاهُنَّ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ فَيَكُونُ التُّرَابُ مَعَ الْمَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْغَسْلَتَيْنِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُحْتَمَلٌ فَيُقَالُ بِهِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةَ سَبْعُ مَرَّاتٍ فَإِذَا أَمْكَنَ حَمْلُ هَذِهِ الرواية علي موافقتها سرنا إلَيْهِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ فَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى الْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ وَإِتْلَافِهِ فَوَجَبَ العمل به والله أعلم
*
* قال المصنف رحمه الله
* [وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجْعَلَ التُّرَابُ فِي غَيْرِ السَّابِعَةِ لِيَرِدَ عَلَيْهِ مَا يُنَظِّفُهُ وَفِي أَيُّهَا جُعِلَ جاز لعموم الخبر]
* [الشَّرْحُ] هَذَا الَّذِي قَالَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي حَرْمَلَةَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ جَعْلُ التُّرَابِ فِي الْأُولَى وَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا فَالْحَاصِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute