فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَقَوْلُهُ يَلَغُ هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ: أَمَّا الْمَسَائِلُ فَإِحْدَاهَا الْأَعْيَانُ النَّجِسَةُ كَالْمَيْتَةِ وَالرَّوْثِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ بَلْ إذَا وَقَعَتْ عَلَى طاهر ونجسته لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ حَتَّى تَزُولَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَهَكَذَا إذَا اخْتَلَطَتْ هَذِهِ النَّجَاسَاتُ بِتُرَابٍ وَغَيْرِهِ فَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَمْ يَطْهُرْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا طَرِيقَ إلَى طَهَارَةِ هَذِهِ الْأَرْضِ إلَّا بِأَنْ يُحْفَرَ تُرَابُهَا وَيُرْمَى فَلَوْ أَلَقَى عَلَيْهَا تُرَابًا طَاهِرًا أَوْ طِينَهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا: الثَّانِيَةُ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ ذَائِبَةً كَأَثَرِ الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِهَا اُسْتُحِبَّ غَسْلُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْوَاجِبُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَدَلِيلُهُمَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وعن أحمد ابن حَنْبَلٍ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ كُلِّهَا سبع مرات كالكلب ودليلنا حديث ابن عمرو هو صَرِيحٌ فِي الْمَرَّةِ وَإِطْلَاقُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ كَحَدِيثِ غَسْلِ دَمِ الْحَيْضِ (وَصُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ) وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبِمَذْهَبِنَا قَالَ الْجُمْهُورُ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ لَمْ يَزُلْ عَيْنُ الدَّمِ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ طَعْمُ
سَائِرِ النَّجَاسَاتِ إلَّا بِغَسَلَاتٍ كَفَاهُ زَوَالُ الْعَيْنِ وَيُسْتَحَبُّ بَعْدَ ذَلِكَ غَسْلُهُ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً لِحَدِيثِ (إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ) : الثَّالِثَةُ الْوَاجِبُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الذَّائِبَةِ مِنْ الارض المكاثرة بالماء بحيث يستهلك فِيهِ وَتَطْهُرُ الْأَرْضُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْصَبَّ الْمَاءُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً أَمْ رِخْوَةً هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ حَتَّى يَنْصَبَّ حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَصْرِ فِي الثَّوْبِ وَوَجْهٌ حَكَاهُ الخراسانيون وجماعة من العراقين أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَاءِ الْمَصْبُوبِ سَبْعَةَ أَمْثَالِ الْبَوْلِ وَوَجْهٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي بَوْلِ كُلِّ رَجُلٍ ذَنُوبٌ مِنْ مَاءٍ فَلَوْ كَانَ مِائَةً وَجَبَ مِائَةُ ذَنُوبٍ وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَنْمَاطِيِّ وَالْإِصْطَخْرِيِّ وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُصَبُّ عَلَى الْبَوْلِ سَبْعَةُ أَضْعَافِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَالَ اثْنَانِ لَمْ يَطْهُرْ إلَّا بِذَنُوبَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْمُكَاثَرَةُ إلَّا بِذَلِكَ أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالِاحْتِيَاطِ وَلَا يُشْتَرَطُ جَفَافُ الْأَرْضِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ جَفَافُ الثَّوْبِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ شَرَطْنَا الْعَصْرَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِمَا مَاءُ الْمَطَرِ حَصَلَتْ الطَّهَارَةُ بِلَا خِلَافٍ قَالَ أَصْحَابُنَا ثُمَّ الْخَمْرُ وَالْبَوْلُ وَالدَّمُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ الذَّائِبَةِ حُكْمُهَا مَا ذَكَرْنَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رِخْوَةً يَنْزِلُ الْمَاءُ فِيهَا أَجْزَأَهُ صَبُّهُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً لَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا حَفْرُهَا وَنَقْلُ تُرَابِهَا دَلِيلُنَا حَدِيثُ بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ وَصَبِّ الذَّنُوبِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِي الْأَمْرِ بِحَفْرِهِ فَضَعِيفٌ
* الرَّابِعَةُ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute