للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ أَقَلُّ السُّكْرِ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ لِغَلَبَتِهِ بَعْضُ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْهَبُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخر " السكران من اختل كلامه المنظوم باح بِسِرِّهِ الْمَكْتُومِ " وَقَالَ أَصْحَابُنَا هُوَ أَنْ تَخْتَلَّ أَحْوَالُهُ فَلَا تَنْتَظِمَ أَفْعَالُهُ وَأَقْوَالُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَقِيَّةُ تَمْيِيزٍ وَفَهْمِ كَلَامٍ فَأَمَّا مَنْ حَصَلَ لَهُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ نَشَاطٌ وَهِزَّةٌ لِدَبِيبِ الْخَمْرِ وَلَكِنْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ بَعْدُ وَلَمْ يختل شئ مِنْ عَقْلِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الصَّاحِي فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ بِلَا خلاف ولا ينتقض وضوؤه وَقَدْ سَبَقَ هَذَا فِي بَابِ مَا يَنْقُضُ الوضوء وسنعيده ايضاحا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَحَيْثُ بَسَطَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (فَرْعٌ)

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْجُنُونَ وَالْإِغْمَاءَ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّا يُزِيلُ الْعَقْلَ بِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَلَا إعَادَةَ سَوَاءٌ كَثُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا أَمْ قَلَّ حَتَّى لَوْ كَانَ لَحْظَةً أَسْقَطَ فَرْضَ الصَّلَاةِ وَيُتَصَوَّرُ إسْقَاطُ الْفَرْضِ بِجُنُونِ لَحْظَةٍ وَإِغْمَاءِ لَحْظَةٍ فِيمَا إذَا بَلَغَ مَجْنُونًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَحْظَةٌ ثُمَّ زَالَ الْجُنُونُ عَقِبَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ يَلْزَمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ قَضَاءُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا زَادَ وَقَالَ أَحْمَدُ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ وان كثر وروى هذا عن طاووس وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَرُوِيَ مِثْلُ مَذْهَبِنَا عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ شُرْبُ الدَّوَاءِ الْمُزِيلِ لِلْعَقْلِ لِلْحَاجَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ شُرْبِ دَوَاءٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَإِذَا زَالَ عَقْلُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لِأَنَّهُ زَالَ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَلَوْ اُحْتِيجَ فِي قَطْعِ يَدِهِ الْمُتَآكِلَةِ إلَى تَعَاطِي مَا يُزِيلُ عَقْلَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا جَوَازُهُ وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِفُرُوعِهَا فِي بَابِ حَدِّ الْخَمْرِ أَمَّا إذَا أَرَادَ تَنَاوُلَ دَوَاءٍ فِيهِ سُمٌّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَسْلَمُ مِنْهُ جَازَ تَنَاوُلُهُ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ أَنَّ فِي تَنَاوُلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>