للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشَّرْحُ) ذَكَرَ أَصْحَابُنَا الْخُرَاسَانِيُّونَ فِي الْقُلَّتَيْنِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَجَمَاعَاتٌ غَيْرُهُمْ أَنَّهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ وَالثَّانِي سِتُّمِائَةِ رِطْلٍ حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ صَاحِبِ الْكَافِي قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ قَالَ صَاحِبُ الْإِبَانَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ هُوَ الْأَقْصَدُ وهذا الذى اختاراه ليس بشئ بَلْ شَاذٌّ مَرْدُودٌ وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْغَزَالِيُّ بِأَبْطَلَ مِنْهُ وَأَكْثَرَ فَسَادًا فَزَعَمَ أَنَّ الْقُلَّةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ اسْتِقْلَالِ الْبَعِيرِ وَذَكَرَ كَلَامًا طَوِيلًا لَا حاصل له ولا أصل: والوجه الثَّالِثُ أَنَّهُمَا أَلْفُ رِطْلٍ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي زَيْدٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَهُوَ شيخ القفال المروزى

* قال صاحب الحاوى اعلم أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَرَ قِلَالَ هَجَرَ وَلَا أَهْلَ عَصْرِهِ لِنَفَادِهَا فَاحْتَاجَ إلَى بَيَانِهَا بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ وَمُشَاهَدٌ لَهُمْ فَقَدَّرَهَا بِقِرَبِ الْحِجَازِ لِأَنَّهَا مُتَمَاثِلَةٌ مَشْهُورَةٌ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ وَالْقُلَّةُ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ الِاحْتِيَاطُ أَنْ تَكُونَ الْقُلَّتَانِ خَمْسَ قِرَبٍ وَهَذَا لَيْسَ تَقْلِيدًا لِابْنِ جُرَيْجٍ بَلْ قَبُولَ أَخْبَارِهِ قَالَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّافِعِيُّ لِتَقْدِيرِ الْقِرَبِ بِالْأَرْطَالِ لِأَنَّهُ اسْتَغْنَى بِمَعْرِفَةِ أَهْلِ عَصْرِهِ في بلده القرب الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ كَمَا اكْتَفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِلَالِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ عَنْ تَقْدِيرِهَا قَالَ ثُمَّ إنَّ أَصْحَابَنَا بَعْدَ الشَّافِعِيِّ بَعُدُوا عَنْ الْحِجَازِ وَغَابَتْ عَنْهُمْ تِلْكَ الْقِرَبُ وَجَهِلَ الْعَوَامُّ مِقْدَارَهَا فَاضْطُرُّوا إلَى تَقْدِيرِهَا بِالْأَرْطَالِ فَاخْتَبَرُوا قِرَبَ الْحِجَازِ ثُمَّ اتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ كُلِّ قِرْبَةٍ بِمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ قَالَ وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا إبْرَاهِيمَ بن جابر وأبو عبيد بن حربوبة ثُمَّ تَابَعَهُمَا سَائِرُ أَصْحَابِنَا فَصَارَتْ الْقُلَّتَانِ خَمْسَمِائَةِ رِطْلٍ عِنْدَ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْحَاوِي.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْأَرْطَالِ لَيْسَ هُوَ لِلشَّافِعِيِّ بَلْ لِأَصْحَابِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ خَمْسُ قِرَبٍ بِقِرَبِ الْحِجَازِ قَالَ وَرَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَحْكِي عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَمْسُ قِرَبٍ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ وكذا نقل البند نيجي عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ.

وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>