للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ لَوْ كان عليه ظهر أو عصر وجهل أَيَّتَهُمَا هِيَ فَدَخَلَ بِنِيَّةِ إحْدَاهُمَا ثُمَّ شَكَّ أَيَّتَهُمَا نَوَى لَمْ تُجْزِهِ هَذِهِ الصَّلَاةُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ لَا يَعْرِفُ عَدَدَهَا وَيَعْلَمُ الْمُدَّةَ الَّتِي فَاتَهُ فِيهَا بِأَنْ قَالَ تَرَكْتُ صَلَوَاتٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ وَلَا أَعْلَمُ قَدْرَهَا فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبَا التَّتِمَّةِ وَالْبَيَانِ وَالشَّاشِيُّ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْقَفَّالِ يُقَالُ لَهُ كَمْ تَتَحَقَّقَ أَنَّك تَرَكْتُ فَإِنْ قَالَ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَأَشُكّ فِي الزِّيَادَةِ لَزِمَهُ الْعَشْرُ دُون الزِّيَادَةِ وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ يُقَالُ لَهُ كَمْ تَتَحَقَّقُ أَنَّكَ صَلَّيْتَ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَإِذَا قَالَ كَذَا وَكَذَا أَلْزَمْنَاهُ قَضَاءَ مَا زَادَ لِأَنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ ذِمَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا مَا تَحَقَّقَهُ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ مَنْ شَكَّ بَعْدَ سَلَامِهِ هَلْ تَرَكَ رُكْنًا وَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا شئ عَلَيْهِ

وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَقَلِّ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ وَإِنْ بَعُدَ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ فَعَلَى قِيَاسِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا تَحَقَّقَ تَرْكُهُ فَحَسْبُ وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُ مَا زَادَ عَلَى مَا تَحَقَّقَ فِعْلُهُ قُلْتُ قَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَصَحُّ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَارَ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَادَتُهُ الصَّلَاةَ وَيَنْدُرُ تَرْكُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا تَيَقَّنَ تَرْكَهُ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي تَرْكِ ركن فان المذهب انه لا يلزمه شئ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي فِي وَقْتٍ وَيَتْرُكُ فِي وَقْتٍ وَلَمْ تَغْلِبْ مِنْهُ الصَّلَاةُ لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا زَادَ عَلَى مَا تَيَقَّنَ فِعْلَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يُعَارِضْهُ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ إحداهما إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَهِيَ مُهِمَّةٌ وَمَشْهُورَةٌ فِي كُلِّ الْكُتُبِ حَتَّى فِي التَّنْبِيهِ قَالَ أصحابنا إذا اشتبه وقتها لغيم أو حبس فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ وَيُسْتَدَلُّ بِالدَّرْسِ وَالْأَوْرَادِ وَالْأَعْمَالِ وَشِبْهِهَا وَيَجْتَهِدُ الْأَعْمَى كَالْبَصِيرِ لِأَنَّهُ يُشَارِكُ الْبَصِيرَ فِي هَذِهِ الْعَلَامَاتِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَإِنَّمَا يَجْتَهِدَانِ إذَا لَمْ يُخْبِرْهُمَا ثِقَةٌ بِدُخُولِ الْوَقْتِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ فَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ بِأَنْ قَالَ رَأَيْتُ الْفَجْرَ طَالِعًا أَوْ الشَّفَقَ غَارِبًا لَمْ يَجُزْ الِاجْتِهَادُ وَوَجَبَ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَ ثِقَةٌ عن أخبار ثقة عَنْ مُشَاهَدَةٍ وَجَبَ قَبُولُهُ فَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ لَمْ يَجُزْ لِلْبَصِيرِ الْقَادِرِ عَلَى الِاجْتِهَادِ تَقْلِيدُهُ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ وَيَجُوزُ لِلْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ الْعَاجِزِ عَنْ الِاجْتِهَادِ تَقْلِيدُهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لِضَعْفِ أَهْلِيَّتِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ فِي تَقْلِيدِ الْأَعْمَى وَإِذَا وَجَبَ الِاجْتِهَادُ فَصَلَّى بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ لَزِمَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَإِنْ صَادَفَ الْوَقْتَ لِتَقْصِيرِهِ وَتَرْكِهِ الِاجْتِهَادَ الْوَاجِبَ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ فَصَلَّى بِالظَّنِّ بِغَيْرِ عَلَامَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>