لُغَتَانِ أَشْهُرُهُمَا الْمَدُّ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ هِيَ مَمْدُودَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَوْهَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ سِوَى الْمَدِّ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْمَدَّ وَالْقَصْرَ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هِيَ كَلِمَةٌ جَاءَتْ مُصَغَّرَةً وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ كَمَا سَبَقَ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إلَى الْعَانَةِ.
أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ مَا أَمْكَنَهُ بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فَإِنْ اسربه لَمْ يَصِحَّ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِحُّ كَمَا لَوْ أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ فِي مَوْضِعِ الْجَهْرِ وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْإِسْرَارِ بِبَعْضِهِ وَلَا يَجُوزُ الْإِسْرَارُ بِالْجَمِيعِ وَهَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لَكِنْ تَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ لَمْ يُبَالِغْ فِي الْجَهْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ لَا لِجَمَاعَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ وموضع الخلاف إذا أسمع نَفْسَهُ فَحَسْبُ فَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَذَانٍ وَلَا كَلَامٍ وَإِنْ أَسْمَعَ بَعْضَ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ حَصَلَ الْأَذَانُ قَطْعًا قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي لَوْ أَسْمَعَ وَاحِدًا مِنْ الْجَمَاعَةِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِهِمَا وَلَوْ اقْتَصَرَ
فِي الْإِقَامَةِ عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ لَمْ تَصِحَّ إقَامَتُهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ لِجَمَاعَةٍ أَمَّا مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ وَحْدَهُ فَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يُشْتَرَطُ إسْمَاعُ مَنْ عِنْدَهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي فَرْعٍ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ وَمَنْ يَقُولُ لَا يَرْفَعُ الْمُنْفَرِدُ يَحْمِلُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فِي فَضْلِ رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَى الاذان للجماعة والله اعلم)
*
* قال المصنف رحمه الله
* (وَيَجِبُ أَنْ يُرَتِّبَ الْأَذَانَ لِأَنَّهُ إذَا نَكَسَهُ لَا يَعْلَمُ السَّامِعُ أَنَّ ذَلِكَ أَذَانٌ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ فَإِنْ تَكَلَّمَ لَمْ يَبْطُلْ أَذَانُهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَبْطُلْ الْخُطْبَةُ بِالْكَلَامِ فَلَأَنْ لَا يَبْطُلَ الْأَذَانُ أَوْلَى وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْأَذَانِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ اثْنَيْنِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ لِأَنَّ السَّامِعَ يَظُنُّهُ عَلَى وَجْهِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ فَإِنْ أَفَاقَ فِي الْحَالِ وَبَنَى عَلَيْهِ جَازَ لِأَنَّ المقصود يحصل وَإِنْ ارْتَدَّ فِي الْأَذَانِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْحَالِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute