(فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ شَرْطٌ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ دَاوُد وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ ظَهَرَ رُبُعُ الْعُضْوِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ زَادَ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْ السَّوْأَتَيْنِ قَدْرُ دِرْهَمٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ تَبْطُلْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ ظَهَرَ نِصْفُ الْعُضْوِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ
وَإِنْ زَادَ لَمْ تَصِحَّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَإِنْ صَلَّى مَكْشُوفَهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ تَعَمَّدَ أَوْ سَهَا وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ السُّتْرَةُ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ عَجَزَ أَوْ نَسِيَ السَّتْرَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وَقَالَ أَحْمَدُ إنْ ظَهَرَ شئ يَسِيرٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ الْعَوْرَةُ الْمُخَفَّفَةُ وَالْمُغَلَّظَةُ: دليلنا أنه ثبت وجوب التسر بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِذَا ثَبَتَ السَّتْرُ اقْتَضَى جَمِيعَ الْعَوْرَةِ فَلَا يُقْبَلُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ إلَّا بِدَلِيلٍ ظَاهِرٍ
*
* قال المصنف رحمه الله
* (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالسُّرَّةُ والركبة ليسا مِنْ الْعَوْرَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هُمَا مِنْ الْعَوْرَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ " وَأَمَّا الْحُرَّةُ فَجَمِيعُ بَدَنِهَا عَوْرَةٌ إلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ منها) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى الْمَرْأَةَ الْحَرَامَ عَنْ لُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ " وَلَوْ كَانَ الْوَجْهُ وَالْكَفُّ عَوْرَةً لَمَا حَرَّمَ سَتْرَهُمَا وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى إبْرَازِ الْوَجْهِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَإِلَى إبراز الكلف لِلْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ فَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ عَوْرَةً وَأَمَّا الامة ففيها وجهان أحدهما أن جيمع بَدَنِهَا عَوْرَةٌ إلَّا مَوَاضِعَ التَّقْلِيبِ وَهِيَ الرَّأْسُ وَالذِّرَاعُ لِأَنَّ ذَلِكَ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى كَشْفِهِ وَمَا سِوَاهُ لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى كَشْفِهِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّ عَوْرَتَهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ " أَلَا لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَيَنْظُرَ إلَى مَا فَوْقَ الرُّكْبَةِ أَوْ دُونَ السُّرَّةِ لَا يَفْعَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute