للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِتْرٌ رَقِيقٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ وَعَلَيْهِ فَإِنْ صَلَّى فِيهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ وَفِيهِ خِلَافُ أَحْمَدَ السَّابِقِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَهَذَا التَّحْرِيمُ إذَا وَجَدَ سُتْرَةً غَيْرَ الْحَرِيرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبَ الْحَرِيرِ لَزِمَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ طَهَارَةِ الْبَدَنِ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ لَهَا أَنْ تَجْلِسَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْخُرَاسَانِيُّونَ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَسَائِرِ الْعِرَاقِيِّينَ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ " إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا " وَهَذَا عَامٌّ يَتَنَاوَلُ الْجُلُوسَ وَاللُّبْسَ وَغَيْرَهُمَا وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهَا اللُّبْسُ تَزَيُّنًا لِزَوْجِهَا وَسَيِّدِهَا وَإِنَّمَا يَحْصُلُ

كَمَالُ ذَلِكَ بِاللُّبْسِ لَا بِالْجُلُوسِ وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُ إنَاءِ الذَّهَبِ فِي الشُّرْبِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا التَّحَلِّي بِهِ وَالْمُخْتَارُ الال وَالْخُنْثَى فِي هَذَا كَالرَّجُلِ وَأَمَّا الثَّوْبُ الَّذِي فِيهِ صُوَرٌ أَوْ صَلِيبٌ أَوْ مَا يُلْهِي فَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَإِلَيْهِ وَعَلَيْهِ لِلْحَدِيثِ

* (فَرْعٌ)

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ وَثَوْبٍ مَغْصُوبٍ وَعَلَيْهِمَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَصِحُّ وَقَدْ يُحْتَجُّ لَهُمْ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ " مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَفِيهِ دِرْهَمٌ حَرَامٌ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صلاة مادام عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ صَمْتًا إنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه يَقُولُهُ " وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ فِي رُوَاتِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَدَلِيلُنَا مَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ في الدار المغصوبة والله أعلم

*

* قال المصنف رحمه الله

*

* (إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بِهِ الْعَوْرَةَ وَوَجَدَ طِينًا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتُرَ بِهِ الْعَوْرَةَ لِأَنَّهُ سُتْرَةٌ ظَاهِرَةٌ فَأَشْبَهَتْ الثوب وقال أبو اسحق لا يلزم لانه يتلوث به البدن)

*

*

* (الشَّرْحُ)

* هَذَانِ الْوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ بِدَلِيلِهِمَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ السَّتْرِ بِهِ وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَآخَرُونَ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ إنَّ الْجُمْهُورَ أَطْلَقُوا الْوَجْهَيْنِ فِي وُجُوبِ التَّطَيُّنِ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي إنْ كَانَ الطِّينُ ثَخِينًا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيُغَطِّي الْبَشَرَةَ وَجَبَ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ لَكِنْ يُغَطِّي الْبَشَرَةَ اُسْتُحِبَّ وَلَا يَجِبُ وَصَرَّحَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَآخَرُونَ بِجَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ فِي الطِّينِ الثَّخِينِ وَالرَّقِيقِ أما

<<  <  ج: ص:  >  >>