للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

فِي قَاعِدَةٍ مُهِمَّةٍ صَرَّحَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهِيَ مَفْهُومَةٌ مِنْ كَلَامِ الْبَاقِينَ وَهِيَ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِ الْعِبَادَةِ وَتَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مَشْهُورَةٌ فِي الْمَذْهَبِ مِنْهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ وَهِيَ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى تَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ خَارِجَ الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَضِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الصَّلَاةِ وَالْكَعْبَةُ فَضِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْضِعِ وَمِنْهَا أَنَّ صَلَاةَ الْفَرْضِ فِي كُلِّ الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَسْجِدٌ لَيْسَ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ فَصَلَاتُهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا فِي الْمَسْجِدِ وَمِنْهَا أَنَّ صَلَاةَ النَّفْلِ فِي بَيْتِ الْإِنْسَانِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ شَرَفِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الْبَيْتِ فَضِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِهَا فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِتَمَامِ الْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ وَأَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ وَالْإِعْجَابِ وَشَبَهِهِمَا حَتَّى أَنَّ صَلَاتَهُ النَّفَلَ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَدَلِيلُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حِينَ صَلَّوْا فِي مَسْجِدِهِ النَّافِلَةَ " أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد " أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا " وَمِنْهَا أَنَّ الْقُرْبَ مِنْ الْكَعْبَةِ فِي الطَّوَافِ مُسْتَحَبٌّ وَالرَّمَلُ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ فَلَوْ مَنَعَتْهُ الزَّحْمَةُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّمَلُ مَعَ الْقُرْبِ وَأَمْكَنَهُ مَعَ الْبَعْدِ فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الرَّمَلِ مَعَ الْبَعْدِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْقُرْبِ بِلَا رَمَلٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَنَظَائِرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَشْهُورَةٌ وَسَنُوَضِّحُهَا فِي مَوَاضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وبالله التوفيق * قال المصنف رحمه الله

*

* (وَإِنْ صَلَّى عَلَى سَطْحِهِ نَظَرْتَ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِهِ جَازَ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَى جُزْءٍ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ

بين يديه سترة متصلة لَمْ يَجُزْ لِمَا رَوَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال " سَبْعَةُ مَوَاطِنَ لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَذَكَرَ فَوْقَ بَيْتِ اللَّهِ الْعَتِيقِ " وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ولم يصل إليه مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى طَرَفِ السَّطْحِ وَاسْتَدْبَرَهُ فَإِنْ كَانَ بين يديه عصا مغروزة غير مبنية وَلَا مُسَمَّرَةٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>