لَا تَصِحُّ إلَّا بِهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَصْحَابُنَا عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِلَا تَكْبِيرٍ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ غَيْرُ الزُّهْرِيِّ وَحَكَى أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ وَالْأَصَمِّ كَقَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ شَرْطٌ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهَا وَلَكِنْ لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ بَلْ هِيَ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِيمَا لَوْ كَبَّرَ وَفِي يَدِهِ نَجَاسَةٌ ثُمَّ القاها في اثناء التكبيرة لو شَرَعَ فِي التَّكْبِيرَةِ قَبْلَ ظُهُورِ زَوَالِ الشَّمْسِ ثُمَّ ظَهَرَ الزَّوَالُ قَبْلَ فَرَاغِهَا فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا فِي الصُّورَتَيْنِ وَتَصِحُّ عِنْدَهُ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاحْتُجَّ لِلزُّهْرِيِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَلِلْكَرْخِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) فَعَقَّبَ الذِّكْرَ بِالصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ منها وبقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَالْإِضَافَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْمُضَافَ غَيْرُ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَدَارِ زيد ودلينا عَلَى الزُّهْرِيِّ حَدِيثُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَحَدِيثُ أَبِي هريرة رضى الله عنه في المسئ صَلَاتَهُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ " إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَدِلَّةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا الْفُرُوضَ خَاصَّةً وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يكبر الاحرام " وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " وَهَذَا مُقْتَضَى وُجُوبِ كُلِّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مَا خَرَجَ وُجُوبُهُ بِدَلِيلٍ كرفع اليدين ونحوه فان قليل الْمُرَادُ مَا يَرَى وَهِيَ الْأَفْعَالُ دُونَ الْأَقْوَالِ فَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ رُؤْيَةُ شَخْصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وكل شئ فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَهُ وَجَبَ عَلَيْنَا مِثْلُهُ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمُ أَيْ صَلُّوا كَمَا عَلِمْتُمُونِي أُصَلِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute