الَّذِي قَبْلَهُ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الِاسْتِفْتَاحِ بِأَيَّتِهَا اسْتَفْتَحَ حَصَّلَ سُنَّةَ الِاسْتِفْتَاحِ لَكِنَّ أَفْضَلَهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيَلِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ أَبُو إسحق الْمَرْوَزِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ يَجْمَعُ بَيْنَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَى آخِرِهَا لِحَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ كَانَ إمَامًا لَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ وَجَّهْتُ وَجْهِي إلَى قَوْلِهِ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ: وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا لِقَوْمٍ مَحْصُورِينَ لَا يَتَوَقَّعُونَ مَنْ يَلْحَقُ بِهِمْ وَرَضُوا بِالتَّطْوِيلِ اسْتَوْفَى حَدِيثَ عَلِيٍّ بِكَمَالِهِ وَيُسْتَحَبُّ مَعَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنهما
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَمَا يسنفتح بِهِ: أَمَّا الِاسْتِفْتَاحُ فَقَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ من الصاحبة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَا يُعْرَفُ مَنْ خَالَفَ فيه الا مالكا رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ لَا يَأْتِي بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ ولا بشئ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّكْبِيرِ أَصْلًا بَلْ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إلَى آخِرِ الفاتحة
* واحتج له بحديث " المسئ صَلَاتَهُ " وَلَيْسَ فِيهِ اسْتِفْتَاحٌ وَقَدْ يُحْتَجُّ لَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ فِي فَصْلِ التَّكْبِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنهما يفتتحون الصلاة بالحمد الله رب العالمين " وَدَلِيلُنَا الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَلَا جَوَابَ لَهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ " المسئ صَلَاتَهُ " مَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ رَفْعِ الْيَدِ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا عَلَّمَهُ الْفَرَائِضَ فَقَطْ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه ما سبق في قصل التكبير أن المراد يفتتح الْقِرَاءَةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كانوا يقرؤن الْفَاتِحَةَ قَبْلَ السُّورَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَا يأتي بدعاء الاستفتاح وبينه حديث عائشة رضى الله عنها الذي ذكرناه هناك وكيف كان فليس تَصْرِيحٌ بِنَفْيِ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ وَلَوْ صَرَّحَ بِنَفْيِهِ كَانَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمُتَظَاهِرَةُ بِإِثْبَاتِهِ مُقَدَّمَةً لِأَنَّهَا زيادة ثقاه وَلِأَنَّهَا
إثْبَاتٌ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَأَمَّا مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُسْتَفْتَحُ بِوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَى آخِرِهِ وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حنيفة وأصحابه واسحق وَدَاوُد يُسْتَفْتَحُ بِسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إلَى آخِرِهِ وَلَا يَأْتِي بِوَجَّهْتُ وَجْهِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي اسحق الْمَرْوَزِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute