للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (الثَّالِثَةُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ التَّعَوُّذُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَوْ مَنْذُورَةٍ لِكُلِّ مصل من امام ومأموم ومنفرد وَرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَحَاضِرٍ وَمُسَافِرٍ وَقَائِمٍ وَقَاعِدٍ وَمُحَارِبٍ إلَّا الْمَسْبُوقَ الَّذِي يَخَافُ فَوْتَ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ لَوْ اشْتَغَلَ بِهِ فَيَتْرُكُهُ وَيَشْرَعُ فِي الْفَاتِحَةِ وَيَتَعَوَّذُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهَا التَّعَوُّذُ كَالتَّأْمِينِ وَالثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ (الرَّابِعَةُ) التَّعَوُّذُ يُسْتَحَبُّ لكل من يريد الشروع في قراءة أَوْ غَيْرِهَا وَيَجْهَرُ الْقَارِئُ خَارِجَ الصَّلَاةِ بِاتِّفَاقِ القراء يكفيه التَّعَوُّذُ الْوَاحِدُ مَا لَمْ يَقْطَعْ قِرَاءَتَهُ بِكَلَامٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ فَإِنْ قَطَعَهَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَأْنَفَ التَّعَوُّذَ وَإِنْ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ ثُمَّ عَادَ إلَى الْقِرَاءَةِ لَمْ يَتَعَوَّذْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَصْلٍ أَوْ هُوَ فَصْلٌ يَسِيرٌ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي

* (فَرْعٌ)

فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي التَّعَوُّذِ وَمَحَلِّهِ وَصِفَتِهِ والجهر به وتكراره في الركعات واستحابه لِلْمَأْمُومِ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ أَمْ وَاجِبٌ

* أَمَّا أَصْلُهُ فَاسْتَحَبَّهُ لِلْمُصَلِّي جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ اصحاب الرأى واحمد واسحق وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَتَعَوَّذُ أَصْلًا لحديث " المسئ صَلَاتَهُ " وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ الْآيَةُ وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ فَالْآيَةُ أَوْلَى

* وَأَمَّا مَحَلُّهُ فَقَالَ الْجُمْهُورُ هُوَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ

يَتَعَوَّذُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَعَوَّذُ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ مَعْنَاهَا إذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ فَاسْتَعِذْ وَهُوَ اللَّائِقُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ

* وَأَمَّا صِفَتُهُ فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ (أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ (أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إنَّ الله هو السميع العليم) وقال الحسن ابن صَالِحٍ يَقُولُ (أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) وَنَقَلَ الشَّاشِيُّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ (أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وَحَكَى صَاحِبُ الشَّامِلِ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ واحتج بقول الله تعالى (وإما ينزغنك من الشيطان نزع فاستعذ بالله انه سميع عليم) وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِ اللَّهِ تعلى (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرجيم) فَقَدْ امْتَثَلَ الْأَمْرَ (وَأَمَّا) الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا فَلَيْسَتْ بَيَانًا لِصِفَةِ الِاسْتِعَاذَةِ بَلْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>