للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحُمْرَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَمَا اسْتَجَازُوا إثْبَاتَهَا بِخَطِّ الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهَا قُرْآنٌ فَيَكُونُونَ مُغَرِّرِينَ بِالْمُسْلِمِينَ حَامِلِينَ لَهُمْ عَلَى اعْتِقَادِ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ قُرْآنًا فَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ

اعْتِقَادُهُ فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا أَقْوَى أَدِلَّتِنَا فِي إثْبَاتِهَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ أَحْسَنُ مَا يَحْتَجُّ بِهِ أَصْحَابُنَا كِتَابَتُهَا فِي الْمَصَاحِفِ الَّتِي قصدوا بكتابتها ففى الْخِلَافِ عَنْ الْقُرْآنِ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا مِائَةً وَثَلَاثَ عَشَرَةَ آيَةً لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى أَظْهَرُ الْأَدِلَّةِ كِتَابَتُهَا بِخَطِّ الْقُرْآنِ قَالَ وَنَحْنُ نَقْنَعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالظَّنِّ وَلَا شَكَّ فِي حُصُولِهِ (فَإِنْ قِيلَ) لَعَلَّهَا أُثْبِتَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ (فَجَوَابُهُ) مِنْ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) أَنَّ هَذَا فِيهِ تَغْرِيرٌ لَا يَجُوزُ ارْتِكَابُهُ لِمُجَرَّدِ الْفَصْلِ

(وَالثَّانِي)

أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْفَصْلِ لَكُتِبَتْ بَيْنَ بَرَاءَةَ وَالْأَنْفَالِ وَلَمَا حَسُنَ كِتَابَتُهَا فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ (الثَّالِثُ) أَنَّ الْفَصْلَ كَانَ مُمْكِنًا بِتَرَاجِمِ السُّوَرِ كَمَا حَصَلَ بَيْنَ بَرَاءَةَ وَالْأَنْفَالِ (فَإِنْ قِيلَ) لَعَلَّهَا كُتِبَتْ لِلتَّبَرُّكِ بِذِكْرِ اللَّهِ (فَجَوَابُهُ) مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ (وَمِنْ وَجْهٍ رَابِعٍ) أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ لِلتَّبَرُّكِ لَاكْتَفَى بِهَا فِي أَوَّلِ الْمُصْحَفِ أَوْ لَكُتِبَتْ فِي أَوَّلِ بَرَاءَةَ وَلَمَا كُتِبَتْ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ كَالْفَاتِحَةِ وَالْأَنْعَامِ وَسُبْحَانَ وَالْكَهْفِ وَالْفُرْقَانِ وَالْحَدِيدِ وَنَحْوِهَا فَلَمْ يَكُنْ حَاجَةً إلَى الْبَسْمَلَةِ وَلِأَنَّهُمْ قَصَدُوا تَجْرِيدَ الْمُصْحَفِ مِمَّا لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَلِهَذَا لَمْ يَكْتُبُوا التَّعَوُّذَ وَالتَّأْمِينَ مَعَ أَنَّهُ صَحَّ الْأَمْرُ بِهِمَا وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَلَا الْآيَاتِ النَّازِلَةَ فِي بَرَاءَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمْ يُبَسْمِلْ وَلَمَّا تلا سورة الكوثر حين نزوله بَسْمَلَ فَلَوْ كَانَتْ لِلتَّبَرُّكِ لَكَانَتْ الْآيَاتُ فِي براءة عائشة اولي مما تبرك فِيهِ لِمَا دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ مِنْ السُّرُورِ بِذَلِكَ وَعَنْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَّهَا آيَةً " وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سبعا من المثانى) قَالَ " هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ قَالَ فَأَيْنَ السَّابِعَةُ قَالَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) " رَوَاهُمَا ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إذْ أَغْفَى إغْفَاءً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>