للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* (الشَّرْحُ)

* قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ تَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ مُرَتَّبَةً مُتَوَالِيَةً لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَقْرَأُ هَكَذَا " وَثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى الله وَسَلَّمَ قَالَ " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " فَإِنْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ فَقَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ وَأَخَّرَ الْمُقَدَّمَ فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ مَا فَعَلَ أَنَّهُ قَرَأَ آيَةً أَوْ آيَاتٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَيَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ الْفَاتِحَةِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا لَمْ يُعْتَدَّ بِالْمُؤَخَّرِ وَيَبْنِي عَلَى الْمُرَتَّبِ مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ: قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ فَيَجِبُ اسْتِئْنَافُ الْقِرَاءَةِ هَكَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ يَعْتَبِرُ التَّرْتِيبَ مبطلا للمعني تبطل صلاته كما إذا تعمد كما قالوا إذا تعمد تغيبر التَّشَهُّدِ تَغْيِيرًا يُبْطِلُ الْمَعْنَى فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ.

وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ فَمَعْنَاهَا أَنْ يَصِلَ الْكَلِمَاتِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ وَلَا يَفْصِلَ إلَّا بِقَدْرِ التَّنَفُّسِ فَإِنْ أَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ فَلَهُ حَالَانِ (أَحَدُهُمَا) أَنْ يَكُونَ عَامِدًا فَيُنْظَرُ إنْ سَكَتَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ طَوِيلًا بِحَيْثُ أَشْعَرَ بِقَطْعِهِ الْقِرَاءَةَ أَوْ إعْرَاضِهِ عَنْهَا مُخْتَارًا أَوْ لِعَائِقٍ بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ وَوَجَبَ اسْتِئْنَافُ الْفَاتِحَةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَحَكَى إمَامُ الحرمين والغزالي عن العرقيين أنه لا تبطل قراءة وليس بشئ وَالْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ وَإِنْ قَصُرَتْ مُدَّةُ السُّكُوتِ لَمْ يُؤَثِّرْ بِلَا خِلَافٍ

وَإِنْ نَوَى قَطْعَ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَسْكُتْ لَمْ تَبْطُلْ قِرَاءَتُهُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ: قَالَ فِي الْأُمِّ لِأَنَّهُ حَدِيثُ نَفْسٍ وَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ وَإِنْ نَوَى قَطْعَهَا وَسَكَتَ طَوِيلًا بَطَلَتْ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ سَكَتَ يَسِيرًا بَطَلَتْ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ المشهور وبه الْأَكْثَرُونَ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ حَكَاهُ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْفَرْدَةَ لَا تُؤَثِّرُ وَكَذَا السُّكُوتُ الْيَسِيرُ وَكَذَا إذَا اجْتَمَعَا وَإِنْ أَتَى فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ بِتَسْبِيحٍ أَوْ تَهْلِيلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَذْكَارِ أَوْ قَرَأَ آيَةً مِنْ غَيْرِهَا عَمْدًا بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ كَثُرَ ذَلِكَ أَوْ قَلَّ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِقِرَاءَتِهَا هَذَا فِيمَا لَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمُصَلِّي فَأَمَّا مَا أُمِرَ بِهِ إلَيْهِ كَتَأْمِينِ الْمَأْمُومِ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ وَسُجُودِهِ لِتِلَاوَتِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ نذكره قريبان إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (الْحَالُ الثَّانِي) أَنْ يُخِلَّ بِالْمُوَالَاةِ نَاسِيًا فَالصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ قِرَاءَتُهُ بَلْ يَبْنِي عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ سَوَاءٌ كَانَ أَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ بِسُكُوتٍ أَمْ بِقِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَائِهَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ فِي الْأُمِّ لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>