العوام وشبههم (الثالثا) إذَا لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُخِلُّ الْمَعْنَى بِأَنْ ضَمَّ تَاءَ أَنْعَمْتَ أَوْ كَسَرَهَا أَوْ كَسَرَ كَافَ إيَّاكَ نَعْبُدُ أَوْ قَالَ إيَّاءَ بِهَمْزَتَيْنِ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ وَصَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ وَتَجِبُ إعَادَةُ الْقِرَاءَةِ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ الْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ وَنُونِ نَسْتَعِينُ وَصَادِ صِرَاطَ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَا قِرَاءَتُهُ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَهُ لَمْ تَبْطُلْ قِرَاءَتُهُ وَلَا صَلَاتُهُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِي التَّتِمَّةِ وَجْهٌ أَنَّ اللَّحْنَ الَّذِي لَا يُخِلُّ الْمَعْنَى لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ قَالَ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِعْجَازِ فِي النَّظْمِ وَالْإِعْرَابِ جَمِيعًا أَوْ فِي النَّظْمِ فَقَطْ (الرَّابِعَةُ) فِي دَقَائِقَ مُهِمَّةٍ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ تَتَعَلَّقُ بِحُرُوفِ الْفَاتِحَةِ قَالَ شَرْطُ السِّينِ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَسَائِرِ الْفَاتِحَةِ أَنْ تَكُونَ صَافِيَةً غير مشوبة تغيرها لَطِيفَةَ الْمَخْرَجِ مِنْ بَيْنِ الثَّنَايَا - يَعْنِي وَأَطْرَافِ اللِّسَانِ - فَإِنْ كَانَ بِهِ لُثْغَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ إصْفَاءِ السِّينِ فَجَعَلَهَا مَشُوبَةً بِالثَّاءِ فَإِنْ كَانَتْ لثغته فَاحِشَةً لَمْ يَجُزْ لِلْفَصِيحِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ كانت لثغته يسيرة لس قيها إبْدَالُ السِّينِ جَازَتْ إمَامَتُهُ وَيَجِبُ إظْهَارُ التَّشْدِيدِ فِي الْحَرْفِ الْمُشَدَّدِ فَإِنْ بَالَغَ فِي التَّشْدِيدِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنَّ الْأَحْسَنَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْحَدِّ الْمَعْرُوفِ لِلْقِرَاءَةِ وَهُوَ أَنْ يُشَدِّدَ التَّشْدِيدَ الْحَاصِلَ فِي الرُّوحِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْفَاتِحَةِ فَصْلُ كُلِّ كَلِمَةٍ عَنْ الْأُخْرَى كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَقَشِّفُونَ الْمُتَجَاوِزُونَ لِلْحَدِّ بَلْ الْبَصْرِيُّونَ يَعُدُّونَ هَذَا مِنْ الْعَجْزِ وَالْعِيِّ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْصِلَ في قراءة بين البسملة والحمد لله رب العالمين قَطَعَ هَمْزَةَ الْحَمْدِ وَخَفَّفَهَا وَالْأَوْلَى أَنْ يَصِلَ الْبَسْمَلَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ لِأَنَّهَا آيَةٌ مِنْهَا وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَقِفَ عَلَى أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِوَقْفٍ وَلَا مُنْتَهَى آيَةٍ أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُبَالِغُ فِي التَّرْتِيلِ فَيَجْعَلُ الْكَلِمَةَ كَلِمَتَيْنِ وَأَصْلُ إظْهَارِ الْحُرُوفِ كَقَوْلِهِمْ نَسْتَعِينُ
يَقِفُونَ بَيْنَ السِّينِ وَالتَّاءِ وَقْفَةً لَطِيفَةً فَيَنْقَطِعُ الْحَرْفُ عَنْ الحرف والكلمة عن الكلمة وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَحْتَمِلُ التَّقْطِيعَ وَالْفَصْلَ وَالْوَقْفَ فِي أَثْنَائِهَا وَإِنَّمَا الْقَدْرُ الْجَائِزُ مِنْ التَّرْتِيلِ أَنْ يُخْرِجَ الْحَرْفَ مِنْ مَخْرَجِهِ ثُمَّ يَنْتَقِلَ إلَى مَا بَعْدَهُ متصلا بلا وقفة وترتيل القرآن وصل الحروف والكلمات علي ضرب من الثاني وليس من الترتيل فصل الحروف ولا الوقت فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَمِنْ تَمَامِ التِّلَاوَةِ إشْمَامُ الْحَرَكَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْحَرْفِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اخْتِلَاسًا لَا إشْبَاعًا وَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْحُرُوفِ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِهِ بِأَنْ يَقُولَ نَسْتَعِينُ تُشْبِهُ التَّاءُ الدَّالَ أَوْ الصَّادَ لَا بِصَادٍ مَحْضَةٍ وَلَا بِسِينٍ مَحْضَةٍ بَلْ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ التَّعَلُّمُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ وَجَبَ التَّعَلُّمُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي زَمَنِ التَّفْرِيطِ فِي التَّعَلُّمِ.
هَذَا حُكْمُ الْفَاتِحَةِ فَأَمَّا غَيْرُهَا فَالْخَلَلُ فِي تِلَاوَتِهِ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى وَهُوَ مُتَعَمِّدٌ بِأَنْ قَرَأَ (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ من عباده العلماء) بِرَفْعِ اللَّهِ وَنَصْبِ الْعُلَمَاءِ أَوْ قَرَأَ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي فِي الشَّوَاذِّ كَقِرَاءَةِ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فاقطعوا ايمانهما) (وفيمن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ) (وَأَقِيمُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) فَهَذَا كُلُّهُ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَ خَلَلًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَلَا يَزِيدُ فِي الْكَلَامِ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ الصَّلَاةُ وَلَكِنَّهَا تُكْرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute