للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَذِهِ الْأَذْكَارِ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْقِرَاءَةِ فَفَرَّقَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْأَفْعَالَ فِي الصَّلَاةِ ضَرْبَانِ (أَحَدُهُمَا) مُعْتَادٌ لِلنَّاسِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْقِيَامُ وَالْقُعُودُ وَهَذَا لَا تَتَمَيَّزُ الْعِبَادَةُ فِيهِ عَنْ الْعَادَةِ فَوَجَبَ فِيهِ الذِّكْرُ لِيَتَمَيَّزَ (وَالثَّانِي) غَيْرُ مُعْتَادٍ وَهُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَهُوَ خُضُوعٌ فِي نَفْسِهِ مُتَمَيِّزٌ لِصُورَتِهِ عَنْ أَفْعَالِ الْعَادَةِ فَلَمْ يُفْتَقَرْ إلَى مُمَيَّزٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

التَّسْبِيحُ فِي اللغة معناه التنزيه قال الواحدى اجمنع الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ الْمَعَانِي عَلَى أَنَّ مَعْنَى تَسْبِيحِ الله تعالي تنزيهه وتبرئته من السؤ قَالَ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ التَّبْعِيدُ مِنْ قَوْلِكَ سَبَحْتُ فِي الْأَرْضِ إذَا بَعُدْتَ فِيهَا وَسُبْحَانَ الله منصوب على المصدر عنه الْخَلِيلِ وَالْفَرَّاءِ كَأَنَّكَ قُلْتَ سُبْحَانًا وَتَسْبِيحًا فَجُعِلَ

السبحان موضع التسبيح قال سبيويه سَبَّحْتُ اللَّهَ سُبْحَانًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَالْمَصْدَرُ التَّسْبِيحُ وَسُبْحَانَ اسْمٌ يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ وَبِحَمْدِهِ سَبَّحْتُهُ فحذف سبحته اختصار أو يكون قَوْلُهُ وَبِحَمْدِهِ حَالًا أَيْ حَامِدًا سَبَّحْتُهُ وَقِيلَ معناه وبحمده ابتدئ * قال المصنف رحمه الله

*

* (ثم يرفع رأسه وسيتحب ان يقول سمع الله لمن حمده لما ذكرناه من حديث ابى هريرة في الركوع ويستحب ان يرفع يديه حذو منكبيه في الرفع لما ذكرناه من حديث ابن عمر في تكبيرة الاحرام فان قال من حمد الله سمع الله له اجزأه لانه اتى باللفظ والمعنى فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقُولَ رَبَّنَا لك الحمد ملء السموات وملء الارض ملء ما شئت من شئ بعد أهل الثناء والمجد حق ما قال العبد كلنا لَك عَبْدُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صل اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ من الركوع قال ذلك " ويجب ان يطمئن قائما لما روى رفاعة بْنِ مَالِكٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فليتوضأ كما امره اللى تعالى الي ان قال ثم ليركع حتى يطمئن راكعا ثم ليقم حتي يطمئن قائما ثم ليسجد حتي يطمئن ساجدا ")

*

*

* (الشَّرْحُ)

* أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَصَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ " أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ " بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ فِي أَحَقَّ وَوَاوٍ فِي وَكُلُّنَا هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَسَائِرُ الْمُحَدِّثِينَ وَوَقَعَ فِي الْمُهَذَّبِ وَكُتُبِ الْفِقْهِ " حَقٌّ مَا قَالَ الْعَبْدُ كُلُّنَا " بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُنْتَظِمَ الْمَعْنَى لَكِنَّ الصَّوَابَ مَا ثَبَتَ فِي كُتُبِ الحديث قال الشيخ أبو عمر بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ " أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ " قَوْلُهُ " لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ " الي آخره وقوله " وكلنا لك عبد " اعتراض بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ قَالَ أَبُو دَاوُد أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ " أَحَقُّ مَا قَالَ " خَبَرًا لِمَا قَبْلَهُ أَيْ قَوْلُهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ إلَى آخِرِهِ " أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ " وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهَذَا الَّذِي رَجَّحَهُ هُوَ الرَّاجِحُ الَّذِي يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ كَمَالِ التَّفْوِيضِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِاعْتِرَافِ بِكَمَالِ قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ وَانْفِرَادِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَتَدْبِيرِ مَخْلُوقَاتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>