للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشَّرْحُ) حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ البخاري وقوله نشزنا هو بتاء مثناة فوق ثم شين الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ زَايٍ مُشَدَّدَةٍ ثُمَّ نُونٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْضًا أَيْ تَهَيَّأْنَا وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ قَالَ أَصْحَابُنَا سَجْدَةُ ص لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ مَعْنَاهُ لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَلَكِنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ أبو العباس ابن سريج وابو اسحق الْمَرْوَزِيُّ هِيَ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ فَقَرَأَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَسْجُدَ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ السَّابِقِ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي ص رَوَاهُ (١) وَإِنْ قَرَأَهَا فِي الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْجُدَ فَإِنْ خَالَفَ وَسَجَدَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَكِنْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ سَجَدَهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا وَلَوْ سَجَدَ إمَامُهُ فِي ص لِكَوْنِهِ يَعْتَقِدُهَا فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا لَا يُتَابِعُهُ بَلْ إنْ شَاءَ نَوَى مُفَارَقَتَهُ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَإِنْ شَاءَ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا كَمَا لَوْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ لَا يُتَابِعُهُ بَلْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ فَإِنْ انْتَظَرَهُ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ: (وَالثَّانِي) لَا يُتَابِعُهُ أَيْضًا وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْمُفَارَقَةِ وَالِانْتِظَارِ كَمَا سَبَقَ

فَإِنْ انْتَظَرَهُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ سلام الامام لانه يعتقدان إمَامَهُ زَادَ فِي صَلَاتِهِ جَاهِلًا وَأَنَّ لِسُجُودِ السَّهْوِ تَوَجُّهًا عَلَيْهِمَا فَإِذَا أَخَلَّ بِهِ الْإِمَامُ سَجَدَ الْمَأْمُومُ: (وَالثَّالِثُ) يُتَابِعُهُ فِي سُجُودِهِ فِي ص حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ لِتَأَكُّدِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَتَأْوِيلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ: قَدْ ذَكَرْنَا أن مذهبنا انه سنة وليس بواجب وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وعمران بن الحصين ومالك والاوزاعي واحمد واسحق وابو ثور وداود وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَاجِبٌ عَلَى الْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ واحتج له بقول الله تعالي (فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) وبقوله تعالي فاسجدوا الله واعبدوا) وَبِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ وَقِيَاسًا عَلَى سُجُودِ الصَّلَاةِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْهَا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فَإِنْ قَالُوا لَعَلَّهُ سَجَدَ فِي وَقْتٍ آخَرَ قُلْنَا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُطْلِقْ الرَّاوِي نَفْيَ السُّجُودِ فَإِنْ قَالُوا لَعَلَّ زَيْدًا قَرَأَهَا بَعْدَ الصُّبْحِ أَوْ الْعَصْرِ وَلَا يَحِلُّ السُّجُودُ ذَلِكَ الْوَقْتَ بِالِاتِّفَاقِ قُلْنَا لَوْ كَانَ سَبَبُ التَّرْكِ مَا ذَكَرُوهُ لَمْ يطلق


(١) كذا بالاصل
*

<<  <  ج: ص:  >  >>