كَمَا سَبَقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَسَبَقَ هُنَاكَ مَسَائِلُ حَسَنَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي الْإِبَانَةِ وَالْبَيَانِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ إلَى الرُّكُوعِ وَلَمْ يَنْتَصِبْ أَجْزَأَهُ الرُّكُوعُ وَهُوَ غَلَطٌ نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ السُّجُودُ فِي آخِرِ سُورَةٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ آخِرِ سُورَةٍ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الِانْتِصَابِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ آخِرِ سُورَةٍ وَغَيْرِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ التَّنْبِيهَ بِآخِرِ السُّورَةِ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَحَبَّ اسْتِفْتَاحَ سورة أخرى فاتمام الاول أولي والله أعلم (وقال) أَبُو حَنِيفَةَ إذَا قَرَأَ الْمُصَلِّي آيَةَ سَجْدَةٍ ثُمَّ رَكَعَ لِلصَّلَاةِ وَسَجَدَ سَقَطَ بِهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سَقَطَ فِي الرُّكُوعِ وَرُوِيَ بِالسُّجُودِ * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
* (وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ كَبَّرَ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ إذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ " وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ لِأَنَّهُ تَكْبِيرَةُ افْتِتَاحٍ فَهِيَ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً أُخْرَى لِلسُّجُودِ وَلَا يَرْفَعُ الْيَدَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي سُجُودِهِ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " كَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ " وَإِنْ قَالَ اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ حَسَنٌ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رسول الله رأيت هذه الليلة في ما يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ وَكَأَنِّي قَرَأْت سَجْدَةً فَسَجَدْتُ فَرَأَيْتُ الشَّجَرَةَ تَسْجُدُ لِسُجُودِي فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ تَقُولُ اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُد قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سَجْدَةً فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ الرَّجُلُ عَنْ الشَّجَرَةِ " وَإِنْ قَالَ فِيهِ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ جَازَ وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى السَّلَامِ فِيهِ قَوْلَانِ قَالَ فِي البويطي لا يسلم كما لا يُسَلِّمُ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَرَوَى الْمُزَنِيّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يُسَلِّمُ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ تَفْتَقِرُ إلَى الْإِحْرَامِ فَافْتَقَرَتْ إلَى السَّلَامِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهَلْ تفتقر الي التشهد المذهب أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ لِأَنَّهُ لَا قِيَامَ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ تَشَهُّدٌ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَتَشَهَّدُ لِأَنَّهُ سُجُودٌ يَفْتَقِرُ إلَى الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ فَافْتَقَرَ إلَى التَّشَهُّدِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ)
*
(الشَّرْحُ) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَإِسْنَادُ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ زَادَ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِيهِ " فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " قَالَ الْحَاكِمُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ الْحَاكِمُ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ إذَا سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ نَوَى وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي هَذِهِ التَّكْبِيرَةِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ كَمَا يفعل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute