(فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ: مَذْهَبُنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عن أبي بكر الصديق وعلي وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَنْ اسحق وَأَبِي ثَوْرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ اللَّيْثِ وَأَحْمَدَ وَدَاوُد قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُكْرَهُ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ النَّخَعِيِّ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ (أَشْهَرُهُمَا) الْكَرَاهَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ ابن المنذر غيرها: (والثانية) أنه ليس بسنة وَاحْتُجَّ لِمَنْ كَرِهَهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " شَكَا إلَيْهِ رَجُلٌ الْقَحْطَ وَهُوَ يخطب فرفع يديه ودعى فَسُقُوا فِي الْحَالِ وَدَامَ الْمَطَرُ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يَرْفَعْهُ عَنَّا فدعي فرفعه فِي الْحَالِ " وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ لِتَجَدُّدِ نِعْمَةِ الْمَطَرِ أَوَّلًا وَلَا لِدَفْعِ نِقْمَتِهِ آخِرًا قَالُوا وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنْ نِعْمَةٍ فَإِنْ كُلِّفَهُ لَزِمَ الْحَرَجُ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَقَدْ بيناه وعن سعيد بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ الْمَدِينَةَ فَلَمَّا كُنَّا قريبا من عروزاء نَزَلَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى سَاعَةً ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ قَالَ إنِّي سَأَلْتُ رَبِّي وَشَفَعْتُ لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَخَرَرْتُ لِرَبِّي شُكْرًا ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد لَا نَعْلَمُ ضَعْفَ أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ أَبُو دَاوُد وَمَا لَمْ يُضَعِّفْهُ فَهُوَ عِنْدَهُ حَسَنٌ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خر ساجدا جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ اليمن بسلام همذان رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ جُمْلَةِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ تَوْبَتِهِ قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ سُجُودَ الشُّكْرِ مِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ الصديق وعمر وعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِهِمْ أَنَّهُ تَرَكَ السُّجُودَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِي السُّجُودِ حينئذ مشقة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute