(فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ لِمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا الصَّحِيحَ الْجَدِيدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ بَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الصَّحَابِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَآخَرُونَ وَحَكَاهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيُّ يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سلمة بن عبد الرحمن وعطاء وطاووس وَأَبِي إدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ رضى الله عَنْهُمْ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مُخْتَصَرَ دَلِيلِ الْمَذْهَبَيْنِ والحديث ضعيف والصحابة رضى الله عَنْهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَيُصَارُ لِلْقِيَاسِ وَاَللَّهُ أعلم * قال المصنف رحمه الله
* (وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يَابِسَةٌ فَنَحَّاهَا فِي الْحَالِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهَا مُلَاقَاةُ نَجَاسَةٍ هو معذور فيها فلم تقطع الصلاة كساس الْبَوْلِ وَإِنْ كَشَفَتْ الرِّيحُ الثَّوْبَ عَنْ الْعَوْرَةِ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ فَلَمْ تُقْطَعْ الصَّلَاةُ كَمَا لَوْ غُصِبَ مِنْهُ الثَّوْبُ فِي الصَّلَاةِ)
* (الشَّرْحُ) قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يَابِسَةٌ فَنَفَضَهَا فِي الْحَالِ أَوْ وَقَعَتْ رُطُوبَةٌ عَلَى بَعْضِ مَلْبُوسِهِ فَأَلْقَى فِي الْحَالِ أَوْ كَشَفَتْ الرِّيحُ عَوْرَتَهُ فَسَتَرَهَا فِي الْحَالِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ الْجَدِيدِ وَفِي الْقَدِيمِ يَبْنِي كَمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ غُصِبَ ثَوْبُهُ مِنْهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ عَارِيًّا صَحَّتْ وَلَا إعَادَةَ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ لِلْمُكْرَهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ نَحَّاهَا يَعْنِي نَفَضَهَا وَلَمْ يَحْمِلْهَا فَإِنْ حَمَلَهَا بِيَدِهِ أَوْ كُمِّهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ لِحَمْلِهَا بِلَا ضَرُورَةٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا طَرَأَ فِي الصَّلَاةِ حَدَثٌ أَصْغَرُ أَوْ أَكْبَرُ فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ إلَّا حَدَثَ الِاسْتِحَاضَةِ وَسَلَسَ الْبَوْلِ فَلَا يَضُرُّ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَإِنْ طَرَأَ فِيهَا غَيْرُ الْحَدَثِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُنَافِيَةِ لَهَا أَبْطَلَهَا إنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إذَا نُسِبَ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ كَمَنْ مَسَحَ خُفَّهُ فَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ دَخَلَ وَهُوَ يُدَافِعُ الْحَدَثَ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّمَاسُكِ إلَى فَرَاغِهَا وَوَقَعَ الْحَدَثُ فَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا لِتَقْصِيرِهِ وَلَوْ تَخَرَّقَ خُفُّ الْمَاسِحِ
فِيهَا فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا عَلَى قَوْلَيْ سَبْقِ الْحَدَثِ وَالثَّانِي تَبْطُلُ قَطْعًا لتقصيره في تعهده قبل الدخول الصَّلَاةِ وَإِنْ طَرَأَ مُنَاقِضٌ لَا بِاخْتِيَارِهِ وَلَا بِتَقْصِيرِهِ فَإِنْ أَزَالَهُ فِي الْحَالِ كَمَنْ كَشَفَتْ الرِّيحُ عَوْرَتَهُ فَسَتَرَهَا فِي الْحَالِ أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يَابِسَةٌ فَنَفَضَهَا فِي الْحَالِ أَوْ رَطْبَةٌ فَأَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الْحَالِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute