قِصَّتَهُ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا كَوْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ عَنْ بَدْرٍ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يَرْوِي مَا لَا يَحْضُرُهُ بِأَنْ يَسْمَعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ صَحَابِيٍّ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ صَحِيحَةٍ حَسَنَةٍ مَشْهُورَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَتْقَنُهَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ قَالَ أَمَّا دَعْوَاهُمْ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَغَلَطٌ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ بِمَكَّةَ حِينَ رَجَعَ مِنْ الْحَبَشَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَامَ خَيْبَرَ
سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّهُ قَبْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ بَعْدَهُ وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ أَنَّهُ قَبْلَهُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَشْهَدْ ذَلِكَ فَغَلَطٌ بَلْ شُهُودُهُ لَهُ مَحْفُوظٌ مِنْ روايات الثقاة الْحُفَّاظِ ثُمَّ ذَكَرَ بِأَسَانِيدِهِ الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةَ فِي صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ " صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَةٍ " صَلَّى بِنَا " وَفِي رِوَايَةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الركعتين فقام رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ " قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَدْ رَوَى قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ ابْنُ عُمَرَ وَعِمْرَانُ بن الحصين ومعاوية بن حريح بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَابْنُ مَسْعَدَةَ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَكُلُّهُمْ لَمْ يَحْفَظْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا صَحِبَهُ إلَّا بِالْمَدِينَةِ متأخرا ثم ذكر أحاديثهم بطرقها قال قَالَ وَابْنُ مَسْعَدَةَ هَذَا يُقَالُ لَهُ صَاحِبُ الْجُيُوشِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مَعْرُوفٌ فِي الصَّحَابَةِ لَهُ رِوَايَةٌ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فَغَلَطٌ وَإِنَّمَا الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَلَا نُنَازِعُهُمْ فِي أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي ذَكَرُوهُ فيمن قتل ببدر قال ابن اسحق ذُو الشِّمَالَيْنِ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ غَبْشَانَ مِنْ خُزَاعَةَ فَذُو الْيَدَيْنِ غَيْرُ ذِي الشِّمَالَيْنِ الْمَقْتُولِ بِبَدْرٍ لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ اسْمُهُ الخرباق بن عمر وذكره مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قَالَ غَيْرُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَدْ عَاشَ ذُو الْيَدَيْنِ الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَذُو الْيَدَيْنِ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ السَّهْوِ غَيْرُ الْمَقْتُولِ بِبَدْرٍ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِذْقِ وَالْفَهْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ إنَّ الْمُتَكَلِّمَ فِي حَدِيثِ السَّهْوِ ذُو الشِّمَالَيْنِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ قَالَ وَقَدْ اضْطَرَبَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ اضْطِرَابًا أَوْجَبَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ تَرْكَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ خَاصَّةً ثُمَّ ذَكَرَ طُرُقَهُ وَبَيَّنَ اضْطِرَابَهَا فِي الْمَتْنِ وَالْإِسْنَادِ وَذَكَرَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الحجاح تَغْلِيطَهُ الزُّهْرِيَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ العلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute