للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ مِنْ الْمُصْحَفِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَحْفَظُهُ أَمْ لَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْفَظْ الْفَاتِحَةَ كَمَا سَبَقَ وَلَوْ قَلَّبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانًا فِي صَلَاتِهِ لَمْ تَبْطُلْ وَلَوْ نَظَرَ فِي مَكْتُوبٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَرَدَّدَ مَا فِيهِ فِي نَفْسِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَإِنْ طَالَ لَكِنْ يُكْرَهُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا أَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ إذَا طَالَ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ وَهُوَ شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ الْجَزْمُ بِصِحَّتِهَا وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ واحمد قال أَبُو حَنِيفَةَ تُبْطِلُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ أَرَادَ إذَا لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ وَقَرَأَ كَثِيرًا فِي الْمُصْحَفِ فَأَمَّا إنْ كَانَ يَحْفَظُهُ أَوْ لَا يَحْفَظُهُ وَقَرَأَ يَسِيرًا كَالْآيَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا تَبْطُلُ وَاحْتُجَّ لَهُ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى فِكْرٍ وَنَظَرٍ وَذَلِكَ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَكَمَا لَوْ تَلَقَّنَ مِنْ غَيْرِهِ فِي الصَّلَاةِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ أَتَى بِالْقِرَاءَةِ وَأَمَّا الْفِكْرُ وَالنَّظَرُ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْمُصْحَفِ فَفِيهِ أَوْلَى وَأَمَّا التَّلْقِينُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يُبْطِلُهَا عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ

*

* قَالَ المصنف رحمه الله

* (وَيُكْرَهُ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْتَفِتَ فِي صَلَاتِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا يَزَالُ اللَّهُ تَعَالَى مُقْبِلًا عَلَى عَبْدِهِ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فإذا التفت صرف عنه وجهه " فان كَانَ لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهْ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ ")

*

(الشَّرْحُ) يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يُحَافِظَ عَلَى كُلِّ مَا نُدِبَ إلَيْهِ مِنْ السُّنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّات وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ صَلَاةُ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فِي الْجَمَاعَةِ وَالِانْفِرَادِ عَلَى حَسَبِ مَا سَبَقَ مِنْ تَفْصِيلِهَا وَأَمَّا الِالْتِفَاتُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ إنْ تَحَوَّلَ بِصَدْرِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَوَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>