حَتَّى اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ يُكْرَهُ لَهُ التَّنَفُّلُ حَتَّى تَغْرُبَ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلِأَنَّ حَالَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِيهِ عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى بِسَبَبَيْنِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ بِسَبَبٍ (وَاعْلَمْ) أَنَّ الْكَرَاهَةَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ تَمْتَدُّ حَتَّى تَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَزُولُ إذَا طَلَعَ قُرْصُ الشَّمْسِ بِكَمَالِهِ وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَرَوَيَاهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَيُسْتَدَلُّ لِلْمَذْهَبِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الصَّلَاةِ قَالَ صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ فان حينئذ تسجر جهنم فإذا اقبل الفئ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصَرِ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَتُحْمَلُ رِوَايَةُ الطُّلُوعِ عَلَى الطُّلُوعِ مُرْتَفِعَةً بِدَلِيلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَالْجَمْعَ بَيْنَهَا فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا يَدْخُلُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْعَصْرِ بَلْ لَا يَدْخُلُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا وَأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (الصَّحِيحُ) الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ بَلْ لَا يَدْخُلُ حَتَّى يُصَلِّيَ فَرِيضَةَ الصُّبْحِ وَالثَّانِي يَدْخُلُ بِصَلَاةِ سُنَّةِ الصُّبْحِ (وَالثَّالِثُ) بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَيُسْتَدَلُّ لَهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِحَدِيثِ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَمْ يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَيُجَابُ عَنْهُ لِلْمَذْهَبِ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي إسْنَادِهِ فَإِنْ ثَبَتَ يُؤَوَّلُ عَلَى مُوَافَقَةِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أعلم
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute