فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مَا يُشْرَعُ لَهُ الجماعة وَمَا لَا يُشْرَعُ وَذَكَرْنَا فِي آخِرِ ذَلِكَ الْبَابِ أَنَّ مَا لَا يُشْرَعُ لَهُ الْجَمَاعَةُ مِنْهَا لَوْ فَعَلَ جَمَاعَةً لَمْ يُكْرَهْ وَبَسَطْنَا دليله اما الْمَقْضِيَّةُ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ فَلَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَلَا كِفَايَةٍ بِلَا خِلَافٍ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَقْضِيَّةِ الَّتِي يَتَّفِقُ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِيهَا بِأَنْ يَفُوتَهُمَا ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ وَدَلِيلُهُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَاتَتْهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ صَلَّاهَا بِهِمْ جَمَاعَةً قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ الْجَمَاعَةِ فِي الْقَضَاءِ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ وَهَذَا الْمَنْقُولُ عَنْ اللَّيْثِ إنْ صَحَّ عَنْهُ مَرْدُودٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَأَمَّا الْقَضَاءُ خَلْفَ الْأَدَاءِ وَالْأَدَاءُ خَلْفَ الْقَضَاءِ وَقَضَاءُ صَلَاةٍ خَلْفَ مَنْ يَقْضِي غَيْرَهَا فَكُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا إلَّا أَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَا أَفْضَلُ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ فِي كُلِّ ذَلِكَ خِلَافًا لِلسَّلَفِ سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا الصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبِهِ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلصِّحَّةِ وَقَالَ دَاوُد هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَشَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَبِهِ قَالَ بَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضِ عَيْنٍ وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمْ سُنَّةٌ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاحْتَجَّ لِمَنْ قَالَ فَرْضُ عَيْنٍ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute