للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُغَايَظَتَهُ بِالصَّلَاةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ثُمَّ حَكَى قَوْلَ أَبِي الطَّيِّبِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَاتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ الَّذِينَ حَكَوْا قَوْلَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْمُتَقَدِّمُونَ وَهَذَا النَّصُّ الَّذِي حَكَاهُ صَاحِبُ التتمة غريب ضعيف: قال أصحابنا وصورة المسلة إذَا صَلَّى وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ الشَّهَادَتَانِ فَإِنْ سُمِعَتَا مِنْهُ

فِي التَّشَهُّدِ أَوْ غَيْرِهِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ (الصَّحِيحُ) وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ (وَالثَّانِي) لَا يُحْكَمُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِاسْتِدْعَاءِ غَيْرِهِ أَوْ بِأَنْ يَقُولَ أُرِيدُ الْإِسْلَامَ ثُمَّ يَأْتِي بِهِمَا وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ فِي الْآذَانِ أَوْ غَيْرِهِ لَا بَعْدَ اسْتِدْعَاءٍ وَلَا حَاكِيًا وَالصَّحِيحُ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً فِي بَابِ الْآذَانِ وَمِمَّنْ حَكَى الْوَجْهَيْنِ أَبُو عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَالشَّاشِيُّ وَخَلَائِقُ غَيْرُهُمْ وَكُلُّهُمْ ذَكَرُوهُمَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ أَيْضًا فِي بَابِ الْأَذَانِ وَمَقْصُودِي بِهَذَا أَنَّ بَعْضَ كِبَارِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُصَنِّفِينَ نَقَلَهُمَا عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُسْتَغْرَبًا لَهُمَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَإِذَا صَلَّى الْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِينَ عُزِّرَ لافساده صلاتهم وتداعيه وَاسْتِهْزَائِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ كَمَا لَوْ صَامَ رَمَضَانَ وَزَكَّى الْمَالَ فَمُرَادُهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ قَالَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إذَا صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ فَأَلْزَمَهُ أَصْحَابُنَا الصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا لِأَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِوُجُوبِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ زَكَاةٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِلَا شَهَادَةٍ وَضَابِطُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أن كل ما يصير المسلم كافرا ايجحده يَصِيرُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا بِإِقْرَارِهِ بِهِ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ لَا يَصِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي صَلَاةِ الْكَافِرِ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّدِ الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو ثور وداود وقال أَبُو حَنِيفَةَ إنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ حَجَّ وَطَافَ أَوْ تَجَرَّدَ لِلْإِحْرَامِ وَلَبَّى وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ صَارَ مُسْلِمًا وَقَالَ أَحْمَدُ إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ

* وَاحْتُجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّمَا يعمر مساجد الله من آمن بالله) وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ وَبِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَتَعَاهَدُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>