للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) قال يعلى بْنُ أُمَيَّةَ قُلْت لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إنْ خِفْتُمْ وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ قَالَ عُمَرُ عجبت مما عجبت منه فَسَأَلْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلو لصدقته " وَلَا يَجُوزُ الْقَصْرُ إلَّا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي سَفَرِ الْمَاءِ كَمَا يَجُوزُ لِلرَّاكِبِ فِي الْبَرِّ

* (الشرح) حديث يعلى رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِ الْقَصْرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُ السَّلَفِ وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْته وَاضِحًا فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَذْكَارِ وقَوْله تَعَالَى (إذا ضربتم في الارض) الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ هُوَ السَّفَرُ: أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَيَجُوزُ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَلَا يَجُوزُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَلَا فِي الْحَضَرِ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِذَا قَصَرَ الرُّبَاعِيَّاتِ رَدَّهُنَّ إلَى رَكْعَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ خَوْفٌ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْوَاجِبُ فِي الْخَوْفِ رَكْعَةٌ وَحُكِيَ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ الثَّالِثَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ وَيَنْفَرِدُ بِالْأُخْرَى كَمَا هُوَ الْمَشْرُوعُ فِيهَا وَيَجُوزُ الْقَصْرُ فِي سَفَرِ الْمَاءِ فِي السَّفِينَةِ لِأَنَّهُ سَفَرٌ

دَاخِلٌ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَسَوَاءٌ فِيهِ مِنْ رَكِبَ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ وَالْمَلَّاحُ الَّذِي مَعَهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيُدِيمُ السَّيْرَ فِي الْبَحْرِ وَالْمُكَارِي وَغَيْرُهُمْ فَكُلُّهُمْ لَهُمْ الْقَصْرُ إذَا بَلَغَ سَفَرُهُمْ مَسَافَةً لَوْ قُدِّرَتْ فِي الْبَرِّ بَلَغَتْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً لَكِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُمْ الْإِتْمَامُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ إلَّا أَنَّ أَبَا حنيفة يشترط ثلاث مراحل وقال الحسن ابن صَالِحٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ لِلْمَلَّاحِ الْقَصْرُ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ: دَلِيلُنَا أَنَّهُ مُسَافِرٌ وَمَا قَالُوهُ يُنْتَقَضُ بِاَلَّذِي يُدِيمُ كِرَاءَ الْإِبِلِ وَغَيْرَهَا وَالسَّيْرَ فِي الْبَرِّ فَإِنَّ له القصر

*

* قال المصنف رحمه الله

* (ولا يجوز القصر الا في مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ كُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فَذَلِكَ سِتَّةَ عَشْرَ فَرْسَخًا لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ " كَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ " وَسَأَلَ عَطَاءٌ ابْنَ عَبَّاسٍ " أَأَقْصُرُ إلَى عَرَفَةَ فَقَالَ لَا فَقَالَ إلَى مِنًى فَقَالَ لَا لَكِنْ إلَى جُدَّةَ وَعُسْفَانَ وَالطَّائِفِ " قَالَ مَالِكٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَجُدَّةَ وَعُسْفَانَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَلِأَنَّ فِي هَذَا الْقَدْرِ تَتَكَرَّرُ مَشَقَّةُ الشَّدِّ وَالتَّرْحَالِ وَفِيمَا دُونَهُ لَا تَتَكَرَّرُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأُحِبُّ أَنْ لَا يَقْصُرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يبيح القصر الا في ثلاثة أيام)

*

<<  <  ج: ص:  >  >>